الْمُحِيل فَكيف يَصح أَن يحِيل مرّة ثَانِيَة؟ نعم لَو تفاسخا الاحالة الاولى صحت الثَّانِيَة.
قَوْله: (وَالصُّلْح بعد الشِّرَاء) بعد مَا اشْترى الْمصَالح عَنهُ.
أَقُول: فِيهِ أَنه تكون الدَّعْوَى حِينَئِذٍ فَاسِدَة، وَالصُّلْح بعد الدَّعْوَى الْفَاسِدَة صَحِيح.
تَأمل.
وَصورتهَا: إِذا اشْترى شخص دَارا مثلا من آخر ثمَّ ادّعى المُشْتَرِي على البَائِع أَن الدَّار ملكه فَصَالحه البَائِع فَهَذَا الصُّلْح بَاطِل لتناقضه، فَإِن إقدامه على الشِّرَاء مِنْهُ دَلِيل أَنَّهَا ملك البَائِع ثمَّ الدَّعْوَى وَالصُّلْح بعْدهَا يناقضه.
قَالَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: وَلَو كَانَ الشِّرَاء بعد الصُّلْح فالشراء صَحِيح وَالصُّلْح بَاطِل.
اهـ.
قَوْله: (إِلَّا فِي ثَلَاث مَذْكُورَة فِي بيوعت الاشباه الْكفَالَة) أَي لزِيَادَة التَّوَثُّق، فَلَو أَخذ مِنْهُ كَفِيلا ثمَّ أَخذ مِنْهُ كَفِيلا آخر صَحَّ وَلَا يبرأ الاول بكفالة الثَّانِي كَمَا فِي الْخَانِية.
قَوْله: (وَالشِّرَاء) أَي يَصح بعد الشِّرَاء وَيبْطل الاول.
أَطْلَقَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ بِجِنْسٍ آخَر، وَإِلَّا فَلَا يَصح أشباه.
وَفِي الْبَحْر: وَإِذَا تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ انْعَقَدَ الثَّانِي وَانْفَسَخَ الاول إِن كَانَ الثَّانِي بِأَزْيَدَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَنْقَصَ، وَإِنْ كَانَ مثله لم يَنْفَسِخ الاول انْتهى.
قَالَ فِي التاترخانية: قَالَ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعْتُكَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ الْمُشْتَرَى قَبِلْتُ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِيجَابِ الثَّانِي وَيَكُونُ بَيْعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ بِعْتُهُ مِنْكَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ يَنْعَقِدُ الثَّانِي وَيَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ نَحْوَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِتِسْعَةٍ أَوْ بِأَحَدَ عَشَرَ، فَإِنْ بَاعَ بِعشْرَة ينْعَقد الثَّانِي وَيبقى الاول بِحَالهِ.
اهـ.
فَهَذَا مِثَالٌ لِتَكْرَارِ الْإِيجَابِ فَقَطْ وَمِثَالٌ لِتَكْرَارِ العقد
قَوْله: (والاجارة) أَي بعد الاجارة من الْمُسْتَأْجر الاول فالثانية فسخ للاولى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة.
قَالَ فِي الْبَحْر: وَيَنْبَغِي أَن الْمدَّة إِذا اتّحدت فيهمَا واتحد الاجران لَا تصح الثَّانِيَة
كَالْبيع.
وَزَاد فِي الْفُصُولَيْنِ الشِّرَاء بعد الصُّلْح فَإِنَّهُ يجوز وَيبْطل الصُّلْح.
قَوْله: (عَن إِنْكَار) إِنَّمَا خصّه لَان مَا ذكره لَا يَتَأَتَّى عِنْد الاقرار.
قَالَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: ادّعى عَلَيْهِ ثوبا فَأنْكر ثمَّ برهن أَن الْمُدَّعِي أقرّ قبل الصُّلْح أَنه لَيْسَ لي لَا يقبل وَنفذ الصُّلْح وَالْقَضَاء لافتداء الْيَمين، وَلَو برهن أَنه أقرّ بعد الصُّلْح أَن الثَّوْب لم يكن لَهُ بَطل الصُّلْح لَان الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ هَذَا زعم أَنه أَخذ بدل الصُّلْح بِغَيْر حق، بِخِلَاف إِقْرَاره قبل الصُّلْح.
لجَوَاز أَن يملكهُ بعد إِقْرَاره قبل الصُّلْح ذكره الْحَمَوِيّ.
قَوْله: (فَالصُّلْح مَاض على الصِّحَّة) وَلَا تقبل الْبَيِّنَة لاحْتِمَال أَنه ثَبت لَهُ حق بعد هَذَا الاقرار، بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فَإِنَّهُ إِقْرَار من الْمُدَّعِي أَنه مُبْطل فِي دَعْوَاهُ.
وَذكر الشُّرُنْبُلَالِيّ فِي رِسَالَة الابراء عَن هَاشم عَن مُحَمَّد فِي تَوْجِيه الْمَسْأَلَة أَنه إِنَّمَا صَالحه على اعْتِبَار أَنه فدى يَمِينه بِالصُّلْحِ وافتداء الْيَمين بِالْمَالِ جَائِز، فَكَانَ إقدامه على الصُّلْح اعترافا بِصِحَّة الصُّلْح