السَّيْف بَين العشائر بِسَبَب التَّنَازُع بَين الزناة، وَلذَلِك لَا يُبَاح الزِّنَا بِإِبَاحَة الْمَرْأَة أَو أَهلهَا، وَإِنَّمَا نسب إِلَى الله تَعَالَى مَعَ أَن النَّفْع عَائِد إِلَى الْعباد تَعْظِيمًا لانه متعال عَن أَن ينْتَفع بشئ، وَلَا يجوز أَن يكون حَقًا لَهُ بِجِهَة التخليق لَان الْكل سَوَاء فِي ذَلِك، كَذَا فِي شرح الْمنَار لجلال الدّين.
قَوْله: (وكفالة بِنَفس) الْوَجْه فِيهِ كالوجه فِي سابقه، وَقدمنَا الْكَلَام عَلَيْهَا قَرِيبا، وَقيد الْكفَالَة بكفالة النَّفس، لانه لَو صَالحه عَن كَفَالَة المَال يكون إِسْقَاطًا لبَعض الدّين عَنهُ وَهُوَ صَحِيح.
قَوْله: (وَيبْطل بِهِ الاول) أَي حق الشُّفْعَة لرضا الشَّفِيع بِسُقُوط حَقه.
قَوْله: (وَكَذَا الثَّانِي) أَي حد الْقَذْف.
قَوْله: (لَو قبل الرّفْع للْحَاكِم) ظَاهره أَنه يبطل الصُّلْح أصلا وَهُوَ الَّذِي فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَن قاضيخان، فَإِنَّهُ قَالَ: بَطَلَ الصُّلْحُ وَسَقَطَ الْحَدُّ إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ بعده لَا يبطل وَقَالَ فِي الْحَدُّ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ بِالْعَفْوِ لِعَدَمِ الطَّلَبِ، حَتَّى لَوْ عَادَ وَطَلَبَ حُدَّ الاشباه: لَا يَصح الصُّلْح عَن الْحَد وَلَا يسْقط بِهِ حد الْقَذْف إِن كَانَ قبل المرافعة كَمَا فِي
الْخَانِية.
قَالَ البيري: أَي فَإِن الْحَد يسْقط وَإِن كَانَ الصُّلْح لم يجز.
أما إِذا كَانَ بعد المرافعة فَلَا يسْقط.
أَقُول: هَذَا الَّذِي فِي الْخَانِية يُنَافِي مَا ذكره فِي الايضاح بِأَن لَهُ أَن يُطَالب بعد الْعَفو وَالصُّلْح عَن ذَلِك، فَرَاجعه فِي الاقرار.
وَعبارَة الاشباه فِي الاقرار: وَلَا يملك الْمَقْذُوف الْعَفو عَن الْقَاذِف، وَلَو قَالَ الْمَقْذُوف كنت مُبْطلًا فِي دعواي سقط الْحَد.
كَذَا فِي حيل التاترخانية من حيل المداينات.
قَالَ البيري: قَالَ فِي الايضاح: وَإِذا ثَبت الْحَد لم يجز الاسقاط وَلَا الْعَفو، وَلذَا إِذا عَفا قبل المرافعة أَو أَبْرَأ أَو صَالح على مَال فَذَلِك بَاطِل وَيرد مَال الصُّلْح، وَله أَن يُطَالِبهُ بِالْحَدِّ بعد ذَلِك اهـ.
وَقدم الشَّارِح فِي بَاب حد الْقَذْف: وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ إقْرَارٍ وَلَا اعْتِيَاضَ: أَيْ أَخذ عِوَضٍ وَلَا صُلْحَ وَلَا عَفْوَ فِيهِ وَعَنْهُ.
نَعَمْ لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ فَلَا حَدَّ لَا لصِحَّة الفعو بَلْ لِتَرْكِ الطَّلَبِ، حَتَّى لَوْ عَادَ وَطَلَبَ حد.
شمني.
وَلذَا لَا يتم إِلَّا بِحَضْرَتِهِ، فَأفَاد أَنه لَا صلح فَلَا يسْقط، وَظَاهره وَلَو قبل المرافعة، وَلَا يُقَام إِلَّا بِطَلَب الْمَقْذُوف فِي الْمَوْضِعَيْنِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى الْبطلَان لعدم الطّلب، وَكَذَا يُقَال فِي حد السّرقَة فَإِنَّهُ لَا يَصح عَنهُ الصَّالح كَمَا فِي مجمع الْفَتَاوَى، فَكَانَ على المُصَنّف وَالشَّارِح أَن يستثنيه أَيْضا.
قَوْله: (لَا حد زنا) أَي لَا يَصح الصُّلْح عَنهُ.
صورته: زنى رجل بِامْرَأَة رجل فَعلم الزَّوْج وَأَرَادَ أَحدهمَا الصُّلْح فتصالحا مَعًا أَو أَحدهمَا على مَعْلُوم على أَن يعْفُو كَانَ بَاطِلا وعفوه بَاطِل، سَوَاء كَانَ قبل الرّفْع أَو بعده.
وَالرجل إِذا قذف امْرَأَته المحصنة حَتَّى وَجب اللّعان كَانَ بَاطِلا، وعفوها بعد الرّفْع بَاطِل وَقبل الرّفْع جَائِز.
خَانِية.
قَوْله: (وَشرب مُطلقًا) أَي إِذا صَالح شَارِب الْخمر القَاضِي على أَن يَأْخُذ مِنْهُ مَالا وَيَعْفُو عَنهُ لَا يَصح الصُّلْح وَيرد المَال على شَارِب الْخمر سَوَاء كَانَ ذَلِك قبل الرّفْع أَو بعده كَمَا فِي الْخَانِية.
فَلْيحْفَظ، والآن مبتلون بذلك، وَلَا حول وَلَا قولة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم.
فَرْعٌ: قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَفِي نَظْمِ الْفِقْهِ: أَخذ سَارِقا فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَرَادَ رَفْعَهُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ فَدَفَعَ لَهُ السَّارِقُ مَالًا عَلَى أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ يَبْطُلُ وَيَرُدُّ الْبَدَلَ إلَى السَّارِقِ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ