وَأما الْجَواب عَن الثَّانِي: أَن الاقرار لما كَانَ حجَّة قَاصِرَة اقْتصر ثُبُوت الْملك وظهوره على الْمقر بِهِ فَلم يَتَعَدَّ إِلَى الزَّوَائِد المستهلكة كَمَا مر وَيَأْتِي، فَتبين أَنه لَيْسَ بإنشاء أصلا.

تدبر.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِنَفْسِهِ) أَيْ عَلَى الْغَيْر، وَلَو للْغَيْر على الْغَيْر يكون شَهَادَة كَمَا قدمْنَاهُ.

قَوْله: (لَا إِقْرَارا) وَلَا ينْتَقض إِقْرَار الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ وَنَحْوِهِمَا لِنِيَابَتِهِمْ مَنَابَ الْمُنَوِّبَاتِ شَرْعًا.

شرح الْمُلْتَقى.

قَوْله: (ثمَّ فرع على كل من الشبهين) صَوَابه من الْوَجْهَيْنِ لانه لم يقل الاقرار يشبه الاخبار ويشبهه الانشاء، بل قَالَ من وَجه وَمن وَجه: أَي إِخْبَار من وَجه بِالنّظرِ لترتب بعض أَحْكَام الاخبارات عَلَيْهِ، وإنشاء من وَجه من حَيْثُ ترَتّب بعض أَحْكَام الانشاءات عَلَيْهِ، وَقد تبع الشَّارِح المُصَنّف فَالْمَعْنى أَنه يعْطى حكم الاخبار فِي بعض الجزئيات وَحكم الانشاء فِي بعض آخر، وَأما بِالنّظرِ للفظه فَهُوَ إِخْبَار عَن ثُبُوت حق عَلَيْهِ لغيره لَا غير.

قَوْله: (فللوجه الخ) عِلّة مُقَدّمَة على الْمَعْلُول.

قَوْله: (صَحَّ إِقْرَاره) لَان الاخبار فِي ملك الْغَيْر صَحِيح لكم بِالنّظرِ للْمقر، وَأفَاد أَنه لَا يحْتَاج إِلَى الْقبُول كَمَا قدمْنَاهُ.

وَفِي الْمنح عَن تَتِمَّة الفتاوي: الاقرار يَصح من غير قبُول، لَكِن الْبطلَان يقف على الابطال وَالْملك للْمقر لَهُ يثبت من غير تَصْدِيق وَقبُول لَكِن يبطل برده، وَالْمقر لَهُ إِذا صدق الْمقر فِي الاقرار ثمَّ رده لَا يَصح الرَّد، وَأفَاد أَيْضا صِحَة الاقرار للْغَائِب.

وَأَيْضًا يُسْتَفَاد هَذَا مِمَّا سَيَأْتِي من قَوْله هِيَ: أَي الالف الْمعينَة لفُلَان لَا بل لفُلَان لَا يجب عَلَيْهِ للثَّانِي شئ: أَي لانه أقرّ بهَا للاول ثمَّ رَجَعَ وَشهد بهَا للثَّانِي فرجوعه لَا يَصح وشهادته لَا تقبل، وَبِهَذَا تبين ضعف مَا فِي الْخَانِية من قَوْله لَو أقرّ لغَائِب ثمَّ أقرّ لآخر قبل حُضُور الْغَائِب صَحَّ إِقْرَاره للثَّانِي، لَان الاقرار للْغَائِب لَا يلْزم بل يتَوَقَّف على التَّصْدِيق

انْتهى.

وَيُمكن أَن يُقَال: معنى صِحَّته للثَّانِي لَيست لاحتياجه للتصديق وَإِنَّمَا لاجل أَن يرْتَد بِالرَّدِّ، فَأفَاد فِي الْخَانِية أَنه يَأْخُذهُ الثَّانِي، فَإِذا جَاءَ الاول وصادق قبل رده الاقرار يَأْخُذهُ، وَإِن قَالَ لَيْسَ لي يكون ملكا للثَّانِي، وَلَكِن أَفَادَ فِي الْبَدَائِع أَنه إِن دفع للاول بِلَا قَضَاء يضمن للثَّانِي لَان إِقْرَاره بهَا صَحِيح فِي حق الثَّانِي إِذا لم يَصح للاول اهـ.

وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا التَّعْلِيل رُبمَا يرد عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فتعليل الْمنح ظَاهر وَهُوَ الْمُوَافق لظواهر الْكتب الْمُعْتَمدَة.

وَفِي الْمنح فِي مسَائِل شَتَّى فسر الرَّد بِأَن يَقُول مَا كَانَ لي عَلَيْك شئ أَو يَقُول بل هُوَ لَك أَو لفُلَان.

قَالَ الْعَلامَة الْخَيْر الرَّمْلِيّ: قَوْلهم الاقرار صَحِيح بِدُونِ التَّصْدِيق لَا يُعَارض قَول الْعِمَادِيّ: إِن إِقْرَاره للْغَائِب توقف عمله على تَصْدِيق الْغَائِب، إِذْ لَا مَانع من توقف الْعَمَل مَعَ الصِّحَّة كَبيع الْفُضُولِيّ يَصح ويتوقف، وَكَذَا لَا يُعَارض مَا فِي الْخَانِية من قَوْله: وَأما الاقرار للْغَائِب لَا يلْزم بل يتَوَقَّف على التَّصْدِيق، إِذْ مَعْنَاهُ يتَوَقَّف لُزُومه لَا صِحَّته، وَقَوله: فَإِن كَانَ صَحِيحا يمْتَنع الاقرار بِهِ للْغَيْر غير مُسلم لعدم الْمُلَازمَة، أَلا ترى أَن للفضولي قبل إجَازَة الْمَالِك أَن يَبِيع الْمَبِيع الَّذِي بَاعه الآخر ويتوقف فَلم يلْزم من صِحَّته عدم صِحَة بَيْعه للْآخر، بل الاقرار بِمَال الْغَيْر يَصح وَيلْزم تَسْلِيمه إِذا ملكه، وَهَذَا يدل على أَن الاقرار لَيْسَ بِسَبَب للْملك كَمَا سَيَأْتِي فَكيف يلْزم من صِحَة إِقْرَاره لغَائِب لَا يلْزمه ذَلِك حَتَّى كَانَ لَهُ الرَّد عدم صِحَة الاقرار بِهِ للْغَيْر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015