فَلهُ أَن يطْلب الْبَيِّنَة على ذَلِك لاحْتِمَال أَن الْغَيْر تملكه مِنْهُ.

قَوْله: (لَا تَحْلِيف على حق مَجْهُول) أَي ادّعى بِهِ مُدع، كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ خِيَانَةً مُبْهَمَةً لم يحلف كَمَا فِي الْخَانِية.

لَكِن أفتى قَارِئ الْهِدَايَة بِخِلَافِهِ.

وَعبارَته: سُئِلَ إِذا ادّعى أحد الشَّرِيكَيْنِ على آخر خِيَانَة وَطلب من الْحَاكِم يَمِينه هَل يلْزم أَو لَا؟ أجَاب: إِذا ادّعى عَلَيْهِ خِيَانَة فِي قدر مَعْلُوم وَأنكر فَحلف عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارًا فَكَذَا الْحُكْمُ، لَكِنْ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ أَنْ يبين مِقْدَار مَا كَانَ فِيهِ، وَالْقَوْل فِي مِقْدَاره إِلَى الْمقر مَعَ يَمِينه لَان نُكُوله كالاقرار بشئ مَجْهُولٍ، وَالْبَيَانُ فِي مِقْدَارِهِ إلَى الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ خَصْمُهُ بَيِّنَةً عَلَى الاكثر، وَمثله الْمضَارب مَعَ رب المَال.

قَوْله: (إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ يَتِيمٍ وَمُتَوَلِّيَ وَقْفٍ) وَلم يدع عَلَيْهِ شَيْئا مَعْلُوما فَإِنَّهُ يحلف نظرا لليتم.

وَالْوَقْف.

حموي.

قَوْله: (وَفِي رهن مَجْهُول) أَي لَو ادّعى الرَّاهِن رهنا مَجْهُولا: أَي كَثوب مثلا فَأنْكر الْمُرْتَهن فَإِنَّهُ يحلف، وَقَيده بعض الْفُضَلَاء عازيا إِلَى الْقنية بِمَا إِذا ذكر الْمُدَّعِي قدر الدّين الَّذِي وَقع بِهِ الرَّهْن ط.

قَوْله: (وَدَعوى سَرقَة) أَقُول: فِيهِ نظر لما نقل قاضيخان من أَنه يشْتَرط ذكر الْقيمَة فِي الدَّعْوَى إِذا كَانَت سَرقَة ليعلم أَنَّهَا نِصَاب أَو لَا، فَأَما فِيمَا سوى ذَلِك فَلَا حَاجَة إِلَى بَيَانهَا.

أَبُو السُّعُود.

وَلَعَلَّ ذَلِك فِي حق الْقطع لَا الضَّمَان كَمَا يفِيدهُ كَلَامه ط.

قَالَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى أَعْيَانَا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَذَكَرَ قيمَة الْكل جملَة وَلم يذكر كلا على حِدة، اخْتلف فِيهِ الْمَشَايِخ: قيل لَا بُد من التَّفْصِيل، وَقيل يَكْتَفِي بالاجمال وَهُوَ الصَّحِيح، إِذْ الْمُدَّعِي لَو ادّعى غصب هَذِه الاعيان لَا يشْتَرط لصِحَّة دَعْوَاهُ بَيَان الْقيمَة، فَلَو ادّعى أَن الاعيان قَائِمَة فَيُؤْمَر بإحضارها فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَضْرَتِهَا، وَلَوْ قَالَ إنَّهَا هَالِكَةٌ وَبَين قيمَة الْكل تسمع دَعْوَاهُ.

وَفِي ج: وَلَو ادّعى أَنه غصب أمته وَلم يذكر قيمتهَا تسمع دَعْوَاهُ وَيُؤمر برد الامة، وَلَو هالكة

فَالْقَوْل فِي قدر الْقيمَة للْغَاصِب فَلَمَّا صَحَّ دَعْوَى الْغَصْب بِلَا بَيَان الْقيمَة فَلَأَنْ يَصِحَّ إذَا بَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً أولى، وَقيل إِنَّمَا يشْتَرط ذكر الْقيمَة لَو كَانَت الدَّعْوَى سَرقَة ليعلم أَن السّرقَة كَانَت نِصَابا وَفِي غَيرهَا لَا يشْتَرط ذكره الْحَمَوِيّ، فَظهر أَن إيرادها فِي هَذَا الْمحل فِي حق الضَّمَان لَا الْقطع كَمَا قدمْنَاهُ عَن ط.

قَوْله: (وغصب) قَالَ فِي الدُّرَر وَالْغرر: وَلَو قَالَ غصب مني عين كَذَا وَلَا أَدْرِي أَنه هَالِكٌ أَوْ قَائِمٌ وَلَا أَدْرِي كَمْ كَانَتْ قِيمَته، وَذكر فِي عَامَّة الْكتب أَنَّهَا تسمع الدَّعْوَى لَان الانسان رُبمَا لَا يعرف قِيمَةَ مَالِهِ، فَلَوْ كُلِّفَ بَيَانَ الْقِيمَةِ لَتَضَرَّرَ.

وَفَائِدَة صِحَّةِ الدَّعْوَى مَعَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الْخَصْمِ إذَا أَنْكَرَ وَالْجَبْرِ عَلَى الْبَيَان إِذا أقرّ وَنكل عَن الْيَمين.

اهـ.

وقدمناه فِي الدَّعْوَى مَعَ مَا عَلَيْهِ من الْكَلَام، فَرَاجعه.

قَوْله: (وخيانة مُودع) فَإِنَّهُ يحلف مَا خَان فِيمَا ائْتمن، فَإِن حلف برِئ، وَإِن نكل يجْبر على بَيَان قدر مَا نكل عَنهُ، وَقيل لَا يسْتَحْلف حَتَّى يقدر شَيْئا يسْتَحْلف عَلَيْهِ.

وَذكر بعض الْفُضَلَاء: أَن سَماع الدَّعْوَى فِي مثل هَذِه الْمسَائِل مَعَ الْجَهَالَة مُتَّفق عَلَيْهِ إِلَّا فِي دَعْوَى الْوَدِيعَة وَدَعوى الْغَصْب حَيْثُ يشْتَرط لسماعها فيهمَا بَيَان الْقيمَة عِنْد بعض الْمَشَايِخ اهـ.

وَيَنْبَغِي زِيَادَة دَعْوَى السّرقَة كَمَا يعلم من الْحَمَوِيّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015