فَبعد ذَلِك إِذا ادَّعَت الْمَرْأَة لَا يثبت النّسَب مِنْهَا، وَإِن ادَّعَت الْمَرْأَة أَولا أَنه من غَيره وَهُوَ فِي يَدهَا فَادّعى الرجل أَنه ابْنه من غَيرهَا بعد ذَلِك: فَإِن كَانَ بَينهمَا نِكَاح ظَاهر لَا يقبل فَهُوَ ابنهما، وَإِن لم يكن بَينهمَا نِكَاح ظَاهر فَالْقَوْل قَوْلهَا، وَيثبت نسبه مِنْهَا إِذا صدقهَا ذَلِك الرجل، هَذَا إِذا كَانَ الْغُلَام لَا يعبر عَن نَفسه.

أما إِذا كَانَ يعبر عَن نَفسه وَلَيْسَ هُنَاكَ رق ظَاهر فَالْقَوْل قَول الْغُلَام أَيهمَا صدقه يثبت نسبه مِنْهُ بتصديقه.

كَذَا فِي السراج الْوَهَّاج.

وأوضحه فِي الْعِنَايَة أيضاحا حسنا حَيْثُ قَالَ: إِذا ادَّعَت امْرَأَة صَبيا أَنه ابْنهَا، فإمَّا أَن تكون ذَات زوج أَو مُعْتَدَّة، أَو لَا مَنْكُوحَة وَلَا مُعْتَدَّة، فَإِن كَانَت ذَات زوج وصدقها فِيمَا زعمت أَنه ابْنهَا مِنْهُ ثَبت النّسَب مِنْهُمَا بالتزامه فَلَا حَاجَة إِلَى حجَّة، وَإِن كذبهَا لم تجز دعوتها حَتَّى تشهد بِالْولادَةِ امْرَأَة لانها تَدعِي تحميل النّسَب على الْغَيْر فَلَا تصدق إِلَّا بِالْحجَّةِ وَشَهَادَة الْقَابِلَة كَافِيَة لَان التَّعْيِين يحصل بهَا وَهُوَ الْمُحْتَاج إِلَيْهِ، إِذْ النّسَب يثبت بالفراش الْقَائِم، وَقد صَحَّ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قبل شَهَادَة الْقَابِلَة على الْولادَة وَإِن كَانَت مُعْتَدَّة احْتَاجَت إِلَى حجَّة كَامِلَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى: أَي وَهِي شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ، إِلَّا إِذا كَانَ هُنَاكَ حَبل ظَاهر أَو اعْترف من قبل الزَّوْج.

وَقَالا: يَكْفِي فِي الْجَمِيع شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة، وَقد مر فِي الطَّلَاق: وَإِن لم تكن ذَات زوج وَلَا مُعْتَدَّة قَالُوا يثبت النّسَب بقولِهَا لَان فِيهِ إلزاما على نَفسهَا دون غَيرهَا.

وَفِي هَذَا لَا فرق بَين الرجل وَالْمَرْأَة، وَمِنْهُم من قَالَ: لَا يقبل قَوْلهَا سَوَاء كَانَت ذَات زوج أَو لَا.

وَالْفرق هُوَ أَن أصل أَن كل من ادّعى أمرا لَا يُمكنهُ إثْبَاته بِالْبَيِّنَةِ كَانَ القَوْل فِيهِ قَوْله من غير بَيِّنَة، وكل من ادّعى أمرا يُمكن إثْبَاته بِالْبَيِّنَةِ لَا يقبل قَوْله فِيهِ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ، وَالْمَرْأَة يُمكنهَا إِثْبَات النّسَب بِالْبَيِّنَةِ لَان انْفِصَال الْوَلَد مِنْهَا مِمَّا يُشَاهد فَلَا بُد لَهَا من بَيِّنَة، وَالرجل لَا يُمكنهُ إِقَامَة الْبَيِّنَة على الاعلاق لخفاء فِيهِ فَلَا يحْتَاج إِلَيْهَا، والاول هُوَ الْمُخْتَار لعدم التحميل على أحد فيهمَا اهـ.

قَوْله: (وَهَذَا لَو غير

معبر) أَي إِذا كَانَ الْغُلَام لَا يعبر عَن نَفسه.

قَوْله: (فَهُوَ لمن صدقه) أَي فَالْقَوْل قَول الْغُلَام أَيهمَا صدقه يثبت نسبه مِنْهُ بتصديقه، فَلَو لم يصدقهما جَمِيعًا فَالظَّاهِر أَن الْعبْرَة لقَوْله ط.

قَوْله: (لَان الخ) عِلّة لقَوْله فَهُوَ ابنهما، فَكَانَ الاولى تَقْدِيمه على قَوْله وَإِلَّا، وَأما كَونه لمن كَانَ صدقه إِذا كَانَ معبرا فعلته أَنه فِي يَد نَفسه.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَلَدَتْ أَمَةٌ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَادّعى الْوَلَد.

حموي.

قَوْله: (غرم الاب قيمَة الْوَلَد) وَلَا يغرم الْوَلَد حَتَّى لَو كَانَ الاب مَيتا تُؤْخَذ من تركته، وَوَلَاؤُهُ للْمُسْتَحقّ عَلَيْهِ لانه علق حر الاصل، وَإِنَّمَا قدر الرّقّ ضَرُورَة الْقَضَاء بِالْقيمَةِ فَلَا تعدو محلهَا.

قَوْله: (يَوْم الْخُصُومَة) لَا يَوْم الْقَضَاء وَلَا يَوْم الْولادَة.

وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: يغرم قيمَة الْوَلَد يَوْم الْقَضَاء، وَإِلَيْهِ يُشِير.

قَوْله: (لانه يَوْم الْمَنْع) أَي منع الْوَلَد من الْمُسْتَحق، لَكِن فِي حَاشِيَة الشَّيْخ حسن الشُّرُنْبُلَالِيّ مَا يُخَالِفهُ، حَيْثُ فسر يَوْم التخاصم بِيَوْم الْقَضَاء، وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِعِبَارَة الزَّيْلَعِيّ وَشرح الطَّحَاوِيّ، وَلَا شكّ أَن الْمُغَايرَة بَينهمَا أظهر لاحْتِمَال تَأَخّر الْقَضَاء عَن التخاصم بِأَن لم يقم الْمُسْتَحق الْبَيِّنَة فِي يَوْم دَعْوَى الِاسْتِحْقَاق بل فِي يَوْم آخر وَكَانَ بَين الْيَوْمَيْنِ تفَاوت بِالْقيمَةِ، يُؤَيّدهُ أَن قَول الطَّحَاوِيّ صَرِيح فِي الْمُغَايرَة بَين يومي التخاصم وَالْقَضَاء، إِلَّا أَن يُقَال: الْجمع بَينهمَا مُمكن.

تَأمل.

قَوْله: (وَهُوَ حر) أطلقهُ، وَلَكِن هَذَا إِذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015