الاقرار بِهِ ثَانِيًا) بِأَن يَقُول هُوَ ابْني.

قَوْله: (وَلَا سَهْو فِي عبارَة الْعِمَادِيّ) عِبَارَته هَكَذَا: هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنِّي صَحَّ، إذْ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مِنْهُ ثَبَتَ نسبه فَلَا يَصح نَفْيه.

قَالَ فِي الدُّرَر: هَذَا سَهْو لَان التَّعْلِيل يَقْتَضِي أَن هُنَاكَ ثَلَاث عِبَارَات: إِثْبَات وَنفي وعود إِلَى الاثبات.

قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيّ: وَالَّذِي يظْهر لي أَن عوده إِلَى التَّصْدِيق لَيْسَ لَهُ فَائِدَة فِي ثُبُوت النّسَب لانه بعد الاقرار لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ.

وَأَقُول: هَذَا يُقرر مدعي الدُّرَر، وَلَيْسَ بِجَوَاب عَن الْعِمَادِيّ.

وَفِي الزَّيْلَعِيّ: نفي النّسَب عَن نَفسه لَا يمْنَع الاقرار بِهِ بعده، بِأَن قَالَ لَيْسَ هَذَا بِابْني ثمَّ قَالَ هُوَ ابْني اهـ.

وَأَقُول: لَيْسَ فِي عبارَة الْعِمَادِيّ سبق الاقرار على النَّفْي، وَانْظُر تَحْقِيقه فِيمَا يَأْتِيك فِي المقولة الْآتِيَة.

قَوْله: (كَمَا زَعمه منلا خسرو) رَاجع إِلَى الْمَنْفِيّ الَّذِي هُوَ السَّهْو، وَنَصه قَالَ: هَذَا الْوَلَد مني ثمَّ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ مني صَحَّ، إِذْ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مِنْهُ تعلق حق الْمقر لَهُ إِذا ثَبت نسبه من رجل معِين حَتَّى يَنْتَفِي كَونه مخلوقا من مَاء الزِّنَا، فَإِذا قَالَ لَيْسَ مني هَذَا الْوَلَد لَا يملك إبِْطَال حق الْوَلَد، فَإِذا عَاد إِلَى التَّصْدِيق صَحَّ.

أَقُول: قد وَقعت الْعبارَة فِي الاستروشنية كالعمادية: هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ مني صَحَّ، إِذْ بِإِقْرَارِهِ أَنه مِنْهُ الخ الظَّاهِر أَنه سَهْو من النَّاسِخ الاول، يدل عَلَيْهِ التَّعْلِيل الَّذِي ذكره لانه يَقْتَضِي أَن يكون هُنَا ثَلَاث عِبَارَات: تفِيد الاولى: إِثْبَات الْبُنُوَّة، وَالثَّانيَِة: نَفيهَا، وَالثَّالِثَة: الْعود إِلَى الاثبات، وَالْمَذْكُور فيهمَا العبارتان فَقَط.

قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيّ: وَالَّذِي يظْهر لي أَن اللَّفْظ الثَّالِث وَهُوَ قَوْله ثمَّ قَالَ هُوَ مني لَيْسَ لَهُ فَائِدَة لثُبُوت النّسَب لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ وَلَا يحْتَاج إِلَى الاقرار بِهِ بعده، فَلْيتَأَمَّل اهـ.

وَلذَلِك قَالَ فِي الْخُلَاصَة.

وَلَو قَالَ هَذَا الْوَلَد لَيْسَ مني ثمَّ قَالَ مني صَحَّ، وَلَو قَالَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي لَا يَصِحُّ النَّفْي اهـ.

فاقتصر هُنَا على العبارتين كالعمادية والاستروشنية، لَكِن كَلَام الشُّرُنْبُلَالِيّ لَا يدْفع كَلَام صَاحب الدُّرَر، لَان مناقشته إِنَّمَا هِيَ فِي إِسْقَاط الاولى، أما الثَّالِثَة فَهِيَ مَوْجُودَة فِي عبارَة الْعمادِيَّة والاستروشنية، فَصَاحب الدُّرَر ناقش: فِي إِسْقَاط الاولى والشرنبلالي فِي إِسْقَاط الثَّالِثَة.

تَأمل.

وَالْحَاصِل: أَن الِاعْتِبَار إِنَّمَا هُوَ إِلَى وجدان الاقرار سَوَاء تقدم عَلَيْهِ النَّفْي أَو تَأَخّر عَنهُ كَمَا علم من صَرِيح الْخُلَاصَة، وَمِمَّا ذكرنَا، فهر أَنه الْخلَل فِي سبك تَعْلِيل الاستروشني وَتَبعهُ الْعِمَادِيّ، وَأَن منلا خسرو لم يتفطنه وَظن أَنه مُحْتَاج إِلَى عبارَة أُخْرَى، وَلَيْسَ كَذَلِك، إِذْ الاقرار الْوَاحِد يَكْفِي سَوَاء وجد مقدما على النَّفْي أَو مُتَأَخِّرًا عَنهُ كَمَا لَا يخفى، فَتدبر.

قَوْله: (كَمَا أَفَادَهُ الشُّرُنْبُلَالِيّ) رَاجع إِلَى النَّفْي الَّذِي هُوَ عدم السَّهْو.

ط عَن الْحلَبِي.

وَتقدم نَص عبارَة الشُّرُنْبُلَالِيَّة، وَمُقْتَضى مَا يظْهر لي أَنه رَاجع إِلَى قَوْله فَلَا حَاجَة إِلَى الاقرار بِهِ ثَانِيًا.

قَوْله: (وَهَذَا) أَي ثُبُوت النّسَب إِذا صدقه الابْن، أما بِدُونِهِ فَلَا لانه إِقْرَار على الْغَيْر بِأَنَّهُ جزؤه فَلَا يتم إِلَّا بِتَصْدِيق ذَلِك الْغَيْر، وَهَذَا التَّفْصِيل إِنَّمَا يَأْتِي فِي الاقرار بصبي يعبر عَن نَفسه، أما لَو كَانَ صَغِيرا لَا يعبر عَن نَفسه يصدق الْمقر اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْخُلَاصَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015