المتوجهة عَلَيْهِ لَا يحلف كَمَا يعلم من مَسْأَلَة إِقْرَار الْوَرَثَة بِالدّينِ وَمِمَّا قدمْنَاهُ من كَون الاقرار حجَّة بِنَفسِهِ، بِخِلَاف الْبَيِّنَة.

تَأمل.

لَكِن ذكر فِي خزانَة أبي اللَّيْث خَمْسَة نفر جَائِز للْقَاضِي تحليفهم، ثمَّ قَالَ: وَرجل ادّعى دينا فِي التَّرِكَة يحلفهُ القَاضِي بِاللَّه الْعَظِيم جلّ ذكره مَا قَبضته.

اهـ.

فَهَذَا مُطلق وَمَا هُنَا مُقَيّد بِمَا إِذا أثْبته بِالْبَيِّنَةِ، وتعليلهم بِأَنَّهُ حق الْمَيِّت رُبمَا يُعَكر على مَا تقدم.

وَقد يُقَال: التَّرِكَة ملكهم خُصُوصا عِنْد عدم دين على الْمَيِّت، وَقد صَادف إقرارهم ملكهم فَأنى يرد، بِخِلَاف الْبَيِّنَة فَإِنَّهَا حجَّة قَائِمَة من غَيرهم عَلَيْهِم فيحتاط فِيهَا، وَأما الاقرار فَهُوَ حجَّة مِنْهُم على أنفسهم فَلَا يتَوَقَّف على شئ آخر.

وَأَقُول: يَنْبَغِي أَن يحلفهُ القَاضِي مَعَ الاقرار فِيمَا إِذا كَانَ فِي التَّرِكَة دين مُسْتَغْرق لعدم صِحَة إقرارهم فِيهَا وَالْحَال هَذِه فيحلفه القَاضِي بِطَلَب الْغُرَمَاء إِذا أَقَامَ بَيِّنَة وَبِغير طَلَبهمْ، لَكِن إِذا صدقوه شاركهم لانهم أقرُّوا بِأَن هَذَا الشئ الَّذِي هُوَ بَينهم خَاص بهم لهَذَا فِيهِ شركَة مَعنا بِقدر دينه.

تَأمل.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لِلْمَيِّتِ دَيْنَهُ وَبَرْهَنَ، هَلْ يَحْلِفُ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يحلف احْتِيَاطًا.

اهـ.

قَالَ الرَّمْلِيّ: يَنْبَغِي أَن لَا يتَرَدَّد فِي التَّحْلِيف أخذا من قَوْلهم الدُّيُون تقضى بأمثالها لَا بِأَعْيَانِهَا، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ قد ادّعى حَقًا للْمَيت.

اهـ.

ذكره الْغَزِّي.

وَأَقُول: يَنْبَغِي أَن يُقَال بدل اللَّام على كَمَا هُوَ ظَاهر.

وَأَقُول: قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَحْلِفُ فِي مَسْأَلَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا باستصحاب الْحَال وَقد استوفى فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ.

وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ دَفْعِ الدَّيْنِ فَقَدْ شَهِدُوا عَلَى حَقِيقَةِ الدَّفْعِ فَانْتَفَى الِاحْتِمَال الْمَذْكُور، فَكيف يُقَال: يَنْبَغِي أَن لَا يتَرَدَّد فِي التَّحْلِيف؟ تَأمل.

وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي أَوَاخِر دَعْوَى النّسَب.

قَوْله: (بل يحبس) أَي يحْبسهُ القَاضِي، لانه ظَالِم فَجَزَاؤُهُ الْحَبْس.

قَوْله: (ليقْرَأ وينكر) هَذَا عِنْد أبي حنيفَة، وَقَالا: يستحلفه كَمَا فِي الْمجمع، وَجه قَوْلهمَا: إِن كلاميه تَعَارضا وتساقطا فَكَأَنَّهُ لم يتَكَلَّم بشئ فَكَانَ ساكتا، وَالسُّكُوت بِلَا آفَة نُكُول فيستحلفه القَاضِي وَيَقْضِي بِالنّكُولِ كَمَا فِي المنبع.

وَفِي الْبَدَائِع: هُوَ الاشبه.

قَوْله: (وَكَذَا لَوْ لَزِمَ السُّكُوتَ بِلَا آفَةٍ عِنْدَ الثَّانِي) أَي فَإِنَّهُ يحبس لانه نُكُول حكما، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى، وَعند أبي يُوسُف: السُّكُوت لَيْسَ بإنكار، فحبس إِلَى أَن يُجيب.

صرح بِهِ السَّرخسِيّ.

وقولهما: هُوَ الاشبه كَمَا فِي الْبَدَائِع وَهُوَ الصَّحِيح كَمَا فِي المنبع، وَصرح فِي رَوْضَة الْفُقَهَاء أَن السُّكُوت لَيْسَ بإنكار بِلَا خلاف.

وَفِي الْقنية وَالْبَزَّازِيَّة: الْفَتْوَى على قَول أبي يُوسُف: فَلَو سكت الْخصم بِلَا آفَة وَقضى صَحَّ، وَكَذَا لَو نكل مرّة لَان الْيَمين وَاجِبَة عَلَيْهِ لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ترك هَذَا الْوَاجِب بِالنّكُولِ دَلِيل على أَنه باذل ومقر، وَإِلَّا قدم على الْيَمين تفصيا عَن عُهْدَة الْوَاجِب ودفعا للضَّرَر عَن نَفسه ببذل الْمُدَّعِي أَو الاقرار بِهِ، وَالشَّرْع ألزمهُ التورع عَن الْيَمين الكاذبة دون الترفع عَن الْيَمين الصادقة، فترجح هَذَا الْجَانِب: أَي جَانب كَون الناكل باذلا أَو مقرا على جَانب التورع فِي نُكُوله.

كَذَا فِي الدُّرَر.

وَسَيَأْتِي تَمَامه.

قَوْله: (عِنْد الثَّانِي) وَعِنْدَهُمَا: إِذا لزم السُّكُوت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015