الْخَانِية.

بَحر.

قَوْله: (إِن كَانَ مَنْقُولًا) هَذَا تكْرَار لَا حَاجَة إِلَيْهِ مَعَ قَوْله فِيمَا تقدم فِي الْمَنْقُول ذكر أَنه فِي يَده بِغَيْر حق، إِلَّا أَن يُقَال: إِنَّمَا ذكره مَعَ مَا تقدم ليشير أَن فِي الْعقار لَا يَتَأَتَّى ذَلِك لَان الْيَد لَا تستولي عَلَيْهِ وَلذَا لَا يثبت فِيهِ الْغَصْب.

تَأمل.

قَوْله: (لما مر) أَي من احْتِمَال كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ أَوْ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ فِي يَده: أَي ليصير خصما: أَقُول: هَذَا يَشْمَل الْعقار، فالتقييد لَا يُفِيد، وَهَكَذَا قَالَ صدر الشَّرِيعَة.

وَفِي الْقُهسْتَانِيّ: وَيزِيد أَيْضا فِي الْعقار عِنْد بعض الْمَشَايِخ كَمَا فِي قاضيخان، وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد كثير من أهل الشُّرُوح، وَمثله فِي الخزانة.

قَوْله: (وَلَا تثبت يَده) أَي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ بتصادقهما لَان الْيَد فِيهِ غير مُشَاهدَة، وَلَعَلَّه فِي

يَد غَيرهمَا تواضعا فِيهِ ليَكُون لَهما ذَرِيعَة إِلَى أَخذه بِحكم الْحَاكِم.

عَيْني.

وسيشير إِلَيْهِ الشَّارِح لَكِن اعْترض على تَعْلِيل الْعَيْنِيّ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَل مَا لَا يُمكن حُضُوره إِلَى مجْلِس الحكم كصبرة بر ورحى كَبِيرَة وَنَحْو ذَلِك فَيَنْبَغِي أَن يلْحق بالعقار لمشابهتها لَهُ.

أَقُول: هَذَا الِاعْتِرَاض فِي غَايَة السُّقُوط لما سبق، وسيجئ أَن مَا تعذر نَقله من الْمَنْقُول يحضرهُ القَاضِي أَو يبْعَث أَمينا أَو نَائِبه فَيسمع، وَيَقْضِي ثمَّ يمْضِي القَاضِي، فَفِي صُورَة الْحُضُور مشَاهد أَيْضا، وَفِي صُورَة بعث القَاضِي كالمشاهد، وَلذَلِك أمضى قَضَاءَهُ، بِخِلَاف الْعقار فَإِن كَونه فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ قد لَا يُشَاهِدهُ القَاضِي وَإِن حضر عِنْده، وَلذَلِك صَرَّحُوا بِأَن ثُبُوت يَده عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ لَا غير.

أَقُول: وَهَذَا مِمَّا يَقَعُ كَثِيرًا وَيَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ قُضَاةِ زَمَانِنَا حَيْثُ يُكْتَبُ فِي الصُّكُوكِ فَأَقَرَّ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي إنَّهُ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى الْعقار وَيشْهد لَهُ شَاهِدَانِ، وَلذَا نظم سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى ذَلِك بقوله: وَالْيَد لَا يثبت فِي الْعقار مَعَ التصادق فَلَا تُمَارِي بَلْ يَلْزَمُ الْبُرْهَانُ إنْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ غصبا أَو شِرَاء مدعي

قَوْله: (بل لَا بُد من بَيِّنَة) أَي من الْمُدَّعِي تشهد أَنهم عاينوه فِي يَده: أَي لصِحَّة الْقَضَاء بِالْملكِ، وَلَا يشْتَرط ذَلِك لصِحَّة الدَّعْوَى.

قَالَ فِي الْخَانِية: قَالَ أَبُو بكر: لَا تقبل بَيِّنَة الْمُدَّعِي على الْملك مَا لم يقم الْبَيِّنَة أَنَّهَا فِي يَد ذِي الْيَد، وَمثله فِي الْقُهسْتَانِيّ بأوضح بَيَان.

ثمَّ قَالَ: وَإِذا شهدُوا أَنه فِي يَده يسألهم القَاضِي أَنهم شهدُوا عَن سَماع أَو مُعَاينَة لانهم رُبمَا سمعُوا إِقْرَاره أَنه فِي يَده، وَهَذَا لَا يخْتَص بِهِ، فَإِنَّهُم لَو شهدُوا على البيع مثلا يسألهم عَن ذَلِك لانها شَهَادَة بِالْملكِ للْبَائِع وَالْملك لَا يثبت بالاقرار.

قَوْله: (أَو علم قَاض) هَذَا بِنَاء على أَن القَاضِي يقْضِي بِعِلْمِهِ، وَكَثِيرًا مَا يذكرُونَهُ فِي الْمسَائِل، والمفتى بِهِ: أَنه لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ فَعَلَيهِ لَا بُد من الْبَيِّنَة.

قَوْله: (لاحْتِمَال تزويرهما) هُوَ الصَّحِيح، اعْتَرَضَهُ صدر الشَّرِيعَة بِأَن تُهْمَة الْمُوَاضَعَة ثَابِتَة مَعَ إِقَامَة الْبَيِّنَة أَيْضا، فَإِن الدَّار مثلا إِذا كَانَت أَمَانَة فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ فتواضعا على أَن لَا يقر بالامانة فيقيم الْبَيِّنَة على الْيَد، ثمَّ إِنَّهَا ملكه فَيقْضى عَلَيْهِ.

وَأجِيب بِأَن تُهْمَة الْمُوَاضَعَة فِي صُورَة

الاقرار ظَاهِرَة وَقَرِيبَة بل أَكثر، وَفِي صُورَة إِقَامَة الْبَيِّنَة خُفْيَة وبعيدة بل نادرة وَأبْعد، لَان مبْنى ذَلِك على مواضعة الْخَصْمَيْنِ وشاهدي زور وارتكاب ضَرَر، فَإِن الْمُدعى عَلَيْهِ إِذا حكم عَلَيْهِ وأخرجت من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015