وَالْعبْرَة للْمُدَّعِي.

وَقد اتَّضَح المرام من هَذِه الْمَسْأَلَة على أتم وَجه، وَللَّه تَعَالَى الْحَمد، لَكِن صدر الامر

السلطاني الْآن بِالْعَمَلِ على مَا فِي الْمحلة من الْمَادَّة 3081 من أَن الْعبْرَة للْمُدَّعى عَلَيْهِ فاحفظه وَالسَّلَام.

قَوْله: (وَبِه أَفْتيت مرَارًا) رده الْعَلامَة الْمَقْدِسِي، وَذكر أَنه يَنْبَغِي التعويل على قَول أبي يُوسُف لموافقته تَعْرِيف الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ، وَذكر أَنه غير صَحِيح.

أما أَولا فَإِن النّسخ الْمَشْهُورَة من الْبَزَّازِيَّة على الاطلاق الَّذِي ادَّعَاهُ وَبنى عَلَيْهِ فتواه، بل على مَا قَيده من أَن كلا من المتداعيين يطْلب المحاكمة عِنْد قَاضِي محلته كَمَا علمت من عِبَارَته الْمُتَقَدّمَة.

وعَلى تَقْدِير فِي نسخته إطلاقا فَهُوَ مَحْمُول على التَّقْيِيد الْمُصَرّح بِهِ فِي الْعمادِيَّة وَالْخَانِيَّة وَغَيرهمَا، فَإِن الَّذِي ولاه خَصمه بِتِلْكَ الْبَلَد أَو بِتِلْكَ الْمحلة.

وَلِهَذَا قَالَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: اخْتصم غَرِيبَانِ عِنْد قَاضِي بَلْدَة صَحَّ قَضَاؤُهُ على سَبِيل التَّحْكِيم.

أَقُول: وَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا لَان الْقَضَاء يُفَوض لَهُم الحكم على الْعُمُوم فِي كل من هُوَ فِي بلدهم أَو قريتهم وَلَو من الغرباء الَّتِي توَلّوا الْقَضَاء بهَا كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي ذكره الْمُؤلف بعد عَن المُصَنّف.

قَوْلُهُ: (عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ فِي عُمُومِ الْوِلَايَةِ، لِأَنَّ قُضَاةَ الْمَذَاهِبِ فِي زَمَانِنَا وِلَايَتُهُمْ عَلَى السوَاء فِي التَّعْمِيم، وَهُوَ رد على الْبَحْر.

قَوْله: (بإجابة الْمُدعى عَلَيْهِ) بِأَن قَالَ لَهُ من اخْتَار غَيْرك من الْقَضَاء فَلَا تحكم عَلَيْهِ.

قَوْله: (لزم اعْتِبَاره) أَي أَمر السُّلْطَان أَي الْعَمَل بِهِ وَقد أَمر كَمَا مر فَلَا تنسه.

قَوْلُهُ: (لِعَزْلِهِ) أَيْ لِعَزْلِ مَنْ اخْتَارَهُ الْمُدَّعِي عَن الحكم بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِه الدَّعْوَى عملا بِأَمْر السُّلْطَان، فَكَأَنَّهُ خصص قَضَاءَهُ بالحكم على من اخْتَارَهُ وَالْقَضَاء يتخصص.

قَوْله: (كَمَا مر مرَارًا) من أَن الْقَضَاء يتَقَيَّد.

قَوْله: (قلت وَهَذَا الْخلاف) أَي بَين مُحَمَّد الْقَائِل بِاعْتِبَار الْمُدعى عَلَيْهِ وَبَين أبي يُوسُف الْقَائِل بِاعْتِبَار الْمُدَّعِي.

قَوْلُهُ: (عَلَى حِدَةٍ) أَيْ لَا يَقْضِي عَلَى غير أَهلهَا.

قَوْله: (أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ حَنَفِيٌّ وَشَافِعِيٌّ الخ) أَي وَقد ولى الْحَنَفِيّ على أَن يحكم على جَمِيع أهل الْمصر وَكَذَا الشَّافِعِي وَنَحْوه فَلَيْسَ هُوَ كمن ولى على محلّة.

قَوْله: (فِي مجْلِس وَاحِد) قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَة لَان الْمدَار على عُمُوم الْولَايَة كَمَا تقدم، فَلَو اقْتصر على قَوْله وَالْولَايَة وَاحِدَة لَكَانَ أحسن، وَيَعْنِي باتحادها عمومها.

قَوْلُهُ: (وَالْوِلَايَةُ وَاحِدَةٌ) أَيْ لَمْ يُخَصِّصْ كُلَّ وَاحِد بمحله.

قَوْله: (لما أَنه صَاحب الْحق) هَذَا مَا يُعْطِيهِ كَلَام الْمَقْدِسِي، وَهُوَ يُفِيد اعْتِبَار الْمُدَّعِي وَلَو كَانَ أحد الْقُضَاة يساعد الْمُدعى عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّعْلِيل مِنْهُ أولى من تَعْلِيله السَّابِق بقوله إذْ لَا تَظْهَرُ فَائِدَةٌ فِي كَوْنِ الْعِبْرَةِ للْمُدَّعِي أَو الْمُدعى عَلَيْهِ ط.

قَالَ الشَّارِح فِي الدّرّ الْمُنْتَقى بعد أَن ذكر نَحْو هَذَا: وَأفْتى بعض موَالِي الرّوم بِأَنَّهُ إِن انْضَمَّ إِلَيْهِ احْتِمَال ظلمه فللمدعى عَلَيْهِ، وَالله تَعَالَى الْمُوفق.

اهـ.

قَوْله: (وركنها) أَي الدَّعْوَى إِضَافَة الْحق إِلَى نَفسه.

الرُّكْن جُزْء الْمَاهِيّة، وَقد قدم أَنَّهَا قَول مَقْبُول الخ، فَهِيَ مركبة من إِضَافَة الْحق إِلَى نَفسه وَمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015