الدُّرَرِ: أَيْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ كَفِيلٌ بِالنَّفْسِ عِنْد الامام، وَقَالا يُؤْخَذ اهـ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا يُؤْخَذُ كَفِيلٌ بِالنَّفْسِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ لِتَاجِ الشَّرِيعَةِ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ وَلَمْ يَرَهُ فِي الْبَحْرِ فتوقف فِي أَنَّهَا بِالْمَالِ أَو بِالنَّفسِ اهـ سَيِّدي، فَافْهَم.

وَاقْتصر على نفي التكفيل لَان القَاضِي بعد يتلوم كَمَا ذكره الشَّارِح بعد، وَلَا يدْفع إِلَيْهِ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيره وَلَا غَرِيم لَهُ اتِّفَاقًا، لانه من بَاب الِاحْتِيَاط لنَفسِهِ بِزِيَادَة علم بِانْتِفَاء الشَّرِيك الْمُسْتَحق مَعَه بِقدر الامكان كَمَا فِي غَايَة الْبَيَان.

قَوْله: (خلافًا لَهما) أَي لاحْتِمَال أَن يكون لَهُ وَارِث أَو غَرِيم آخر.

قَوْله: (لجَهَالَة الْمَكْفُول لَهُ) عِلّة لقَوْله لم يكفلوا ولان حق الْحَاضِر ثَابت قطعا أَو ظَاهرا فَلَا يُؤَخر لاجل المرهوم، كَذَا قَالُوا: (ويتلوم القَاضِي) أَي يتأنى فِي تَأْخِير الْقَضَاء إِلَى الْمدَّة الْمُتَقَدّم بَيَانهَا لَا فِي الدّفع بعد الْقَضَاء.

وَالْمَسْأَلَة على وُجُوه ثَلَاثَة تقدم بَيَانهَا عَن الصَّدْر الشَّهِيد، وَسَيَأْتِي شئ مِنْهَا قبيل بَاب الشَّهَادَة على الشَّهَادَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قَوْله: (مُدَّة) تقدم أَنَّهَا مفوضة إِلَى رَأْي القَاضِي، وقدرها الطَّحَاوِيُّ بِحَوْلٍ، وَعَلَى عَدَمِ التَّقْدِيرِ حَتَّى يَغْلِبَ على ظَنّه أَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره أَو لَا غَرِيم لَهُ آخر،

قَوْله: (وَلَو ثَبت) أَي مَا ذكر من الْوَرَثَة أَو الْغُرَمَاء.

قَوْله: (بالاقرار) أَي بالارث أَو بِالدّينِ وَهُوَ مُحْتَرز قَوْله بِشُهُود.

قَوْله: (كفلوا اتِّفَاقًا) يَعْنِي وَالْخلاف فِيمَا إِذا ثَبت الدّين والارث بِالشَّهَادَةِ وَلم يقل الشُّهُود لَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيرهم، أما إِذا ثَبت بالاقرار يُؤْخَذ كَفِيل بالِاتِّفَاقِ.

قَوْله: (وَلَو قَالَ الشُّهُود ذَلِك) أَي لَا نعلم لَهُ وَارِثا أَو غريما غَيره.

قَوْله: (لَا) أَي لَا يُؤْخَذ مِنْهُم كَفِيل سَوَاء كَانَ وَارِثا يحجب بِحَال أَو لَا.

قَوْله: (اتِّفَاقًا) تقدم بَيَان الصُّور فِي الْحَاصِل.

قَوْلُهُ: (ادَّعَى) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الرَّابِعِ: ادَّعَى عَلَيْهِمَا أَنَّ الدَّارَ الَّتِي بِيَدِكُمَا مِلْكِي فَبَرْهَنَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَلَوْ الدَّارُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا بِإِرْثٍ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ حُكْمٌ عَلَى الْغَائِبِ إذْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَقِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ الدَّارِ بِيَدِهِ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بَلْ يَكُونُ قَضَاءً بِمَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ عَلَى الْحَاضِرِ، وَلَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا بِشِرَاءٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ على أَحدهمَا حكما على الآخر اهـ.

قَوْله: (إِرْثا) قيد بِهِ لانه لَو شِرَاء لَا يكون الْحَاضِر خصما عَن الْغَائِب كَمَا تقدم.

قَوْله:

(مشَاعا) يَعْنِي ينْتَفع بِهِ انْتِفَاع الْمشَاع لَا أَنه يقسمهُ ويفرزه لانه سَيَأْتِي فِي الْقِسْمَة، فَإِنْ بَرْهَنَ وَارِثٌ وَاحِدٌ لَا يُقْسَمُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ اثْنَيْنِ وَلَوْ أَحَدُهُمَا صَغِيرا أَو موصى لَهُ.

قَوْله: (جَحَدَ ذُو الْيَدِ دَعْوَاهُ أَوْ لَمْ يَجْحَدْ) هَذَا التَّعْمِيمُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ لَان الْبُرْهَان يسْتَلْزم سبق الْجحْد، وَقد أَجمعُوا أَنه لَا يُؤْخَذ الْكَفِيل فِي صُورَة الاقرار.

وَالصَّوَاب أَنه يُبَدَّلَ قَوْلُهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَثَبَتَ ذَلِكَ فَيشْمَل الثُّبُوت بالاقرار وَلَا كَفِيل فِيهِ اتِّفَاقًا وبالبينة وَفِيه الْخلاف، وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ قَوْلُهُ جَحَدَ دَعْوَاهُ أَوْ لَمْ يجْحَد اهـ ط.

وَأجَاب عَنهُ سَيِّدي الْوَالِد بِأَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَتَرَكَ بَاقِيه أَشَارَ بِهِ إِلَى الْخلاف، فَافْهَم.

أَقُول: عبارَة الْهِدَايَة وَالْمجْمَع وَالْبَحْر وَغَيرهَا تَسَاوِي عبارَة المُصَنّف وَهِي عبارَة متن الدُّرَر، وَكَأَنَّهُم تساهلوا فِي ذَلِك لوضوح المُرَاد.

وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن قَوْله وَترك بَاقِيه مُسْتَأْنف لَيْسَ من تَمام حكم الْبُرْهَان، وَيكون المُرَاد بَيَان مَسْأَلَة وفاقية وَهِي أَخذ الْمُدَّعِي النّصْف إِذا برهن، وَمَسْأَلَة خلافية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015