مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ قَالَ لِلرُّمَاةِ مَنْ أَصَابَ الْهَدَفَ فَلَهُ كَذَا جَازَ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنْفِيلِ، فَإِذَا كَانَ التَّنْفِيلُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالسَّلَبِ وَنَحْوِهِ يَجُوزُ، فَمَا ظَنُّك بِخَالِصِ مَالِهِ؟ وَعَلَى هَذَا الْفُقَهَاءُ إذَا تَنَازَعُوا فِي الْمَسَائِلِ، وَشُرِطَ لِلْمُصِيبِ مِنْهُمْ جُعْلٌ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْخَيْلِ، إذْ التَّعَلُّمُ فِي الْبَابَيْنِ يَرْجِعُ إلَى تَقْوِيَةِ الدِّينِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ الْحِلُّ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ، حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمَغْلُوبُ مِنْ الدَّفْعِ لَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَا
يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ إلَخْ) لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الدَّعَوَاتِ، وَهِيَ زِيَادَةُ الرَّحْمَةِ وَالْقُرْبِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِمن يتَصَوَّر مِنْهُ خطابا وَالذُّنُوبُ إلَّا تَبَعًا بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيم النَّبِي صلى اله عَلَيْهِ وَآله.
زَيْلَعِيٌّ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ تُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَوْ تَنْزِيهًا أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى؟ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ الثَّانِي، لَكِن خُطْبَةِ شَرْحِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ: مَنْ صَلَّى عَلَى غَيْرِهِمْ أَثِمَ وَكُرِهَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَفِي الْمُسْتَصْفَى: وَحَدِيثِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى الصَّلَاة حَقه، فلع أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى غَيْرِهِ ابْتِدَاءً، أَمَّا الْغَيْرُ فَلَا اهـ.
وَأَمَّا السَّلَامُ فَنَقَلَ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِ جَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ عَنْ الْإِمَامِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَائِبِ وَلَا يُفْرَدُ بِهِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَا يُقَالُ: عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ، إلَّا فِي الْحَاضِرِ فَيُقَالُ: السَّلَامُ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك أَو عَلَيْكُم، وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ اهـ.
أَقُولُ: وَمِنْ الْحَاضِرِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ السَّلَام مَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي عِلَّةِ مَنْعِ الصَّلَاةِ أَنَّ ذَلِكَ شعار أهل الْبدع، ولان ذَلِك مَخْصُوص على لِسَانِ السَّلَفِ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَمَا أَن قَوْلنَا عزوجل مَخْصُوص بِاللَّه تَعَالَى، فَلَا يُقَال: مُحَمَّد عزوجل وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا، ثُمَّ قَالَ اللَّقَانِيُّ: وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَأَمِيلُ إلَيْهِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ يَجِبُ تَخْصِيص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ، كَمَا يَخْتَصُّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّنْزِيهِ، وَيُذْكَرُ مَنْ سِوَاهُمْ بِالْغُفْرَانِ وَالرِّضَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: * (رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ) * (الْمَائِدَة: 9) * (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالايمان) * (الْحَشْر: 10) وَأَيْضًا فَهُوَ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فِي الصَّدْر الاول، وَإِنَّمَا حَدثهُ الرَّافِضَةُ فِي بَعْضِ الْأَئِمَّةِ، وَالتَّشَبُّهُ بِأَهْلِ الْبِدَعِ مَنْهِيّ عَنهُ فَتجب مخالفتهم اهـ.
أَقُول: وَكَرَاهَة التَّشَبُّه بِأَهْل الْبدع مُقَرر عِنْدَنَا أَيْضًا، لَكِنْ لَا مُطْلَقًا، بَلْ فِي الْمَذْمُومِ وَفِيمَا قُصِدَ بِهِ التَّشَبُّهُ بِهِمْ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (قَوْلَانِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى بِهِ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، وَهُوَ مَرْحُومٌ قَطْعًا، فَيَكُونُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَقَدْ اسْتَغْنَيْنَا عَنْ هَذِهِ بِالصَّلَاةِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا.
وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَآله كَانَ مِنْ أَشْوَقِ الْعِبَادِ إلَى مَزِيدِ رَحِمَهُ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهَا مَعْنَى الصَّلَاةِ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.
زَيْلَعِيٌّ.
وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَقُولُ: ارْحَمْ مُحَمَّدًا، وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُهُ لِلتَّوَارُثِ، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الْأَثَرَ وَرَدَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّ أَحَدًا