وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى زِيَادَةِ الْأَفْلَسِ حَذَرًا مِنْ التَّلَفِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ) ذَكَرَ ذكل فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَنْصُوبِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهَا فِي أَوَّلِ بَابِ الْوَصِيِّ.
وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَقَدْ مَرَّ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَصح رده بعد قبُوله بغيبة الْمَيِّت لشلا يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْإِيضَاحِ: أَرَادَ عَزْلَ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْقِيَامَ فَلَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوصِي أَوْ مَنْ يَقُومُ وَهُوَ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيم، وَإِذا حضر عِنْد الْحَاكِم فَينْظر فِي حَالِهِ: إنْ مَأْمُونًا قَادِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ لَا يُخْرِجُهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْقِيَامَ وَلَا ضَرَرَ لِلْوَصِيِّ فِي إبْقَائِهِ، وَإِنْ عُرِفَ عَجْزُهُ وَكَثْرَةُ أَشْغَالِهِ أَخْرَجَهُ لِلضَّرَرِ فِي إبْقَائِهِ وَلِعَدَمِ حُصُولِ الْغَرَضِ مِنْهُ لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِ بِأُمُورِهِ بَعْدَ طَلَبِ الْعَزْلِ اه.
وَفِي الْأَشْبَاهِ: وَالْعَدْلِ الْكَافِي لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ، وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ إلَخْ، وَقَدَّمْنَا ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (تَسْمَعُ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ بَعْدَهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِوَالِدِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اه.
قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُ مِنْهَا، إذْ لَيْسَ فِيهِ إبْرَاءٌ لِمَعْلُومٍ عَنْ مَعْلُومٍ وَلَا عَنْ مَجْهُولٍ، فَهُوَ إقْرَارٌ مُجَرَّدٌ لَمْ يَسْتَلْزِمْ إبْرَاءً فَلَيْسَ مَانِعًا مِنْ دَعْوَاهُ، وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَظن أَنه من قبيل الْبَرَاءَة الْعَامَّة أَنه مُسْتَثْنى من منعهَا الدَّعْوَى إِ هـ مُلَخَّصًا.
أَقُولُ: هَذَا لَا يَظْهَرُ عَلَى مَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ الْمُنْتَقَى وَغَيْرِهِ مِنْ زِيَادَة قَوْله لم يَبْقَ عِنْدَ
الْوَصِيِّ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا اسْتَوْفَاهُ إلَخْ، فَهُوَ إقْرَارٌ لِمُعَيَّنٍ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ عَلَى الْمُقِرِّ.
تَأَمَّلْ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قُبَيْلَ الصُّلْحِ.
وَقَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ: وَلَا تَنَاقُضَ لِحَمْلِ قَوْلِهِ: لَمْ يَبْقَ لِي حَقٌّ: أَيْ مِمَّا قَبَضْتُهُ، عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ اه.
وَتَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ.
قَوْلُهُ: (لِلْوَصِيِّ الْأَكْلُ إلَخْ) قَدَّمْنَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ اسْتِحْسَانٌ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَا سَعَى.
قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ: وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْكُلَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: * (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما) * قَالَ الْفَقِيهُ: وَلَعَلَّ قَوْله تَعَالَى: * (وَمَنْ كَانَ فَقِيرا) * نُسِخَ بِهَذِهِ الْآيَةِ.
قُلْت: فَكَأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى اخْتِيَارِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ.
قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْوَصَايَا مُتَبَرِّعًا فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا إِ هـ.
قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ: إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أَجْرٌ مَعْلُومٌ فَيَأْكُلُ بِقَدْرِهِ.
قَوْلُهُ: (لَهُ أَنْ يُنْفِقَ إلَخْ) كَذَا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا: إنْ كَانَ صَالِحًا لِذَلِكَ جَازَ وَصَارَ الْوَصِيُّ مَأْجُورًا، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ فِي تَعْلِيمِ قَدْرِ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ اه.
فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ.
تَأَمَّلْ.
وَفِي الْقُنْيَةِ: وَلَا يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِي المصاهرات بَين الْيَتِيم وَغَيْرِهِمَا فِي خُلْعِ الْخَاطِبِ أَوْ الْخَطِيبَةِ، وَفِي الضِّيَافَاتِ الْمُعْتَادَةِ، وَالْهَدَايَا الْمَعْهُودَةِ، وَفِي الْأَعْيَادِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُد، وَفِي اتِّخَاذ ضايفة لِخَتَنِهِ لِلْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ مَا لَمْ يُسْرِفْ فِيهِ، وَكَذَا لِمُؤَدِّبِهِ وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ الصِّبْيَانِ، وَكَذَا الْعِيدَيْنِ.