وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الِاسْتِنْصَارَ بِالدِّيوَانِ أَظْهَرُ، فَلَا يَظْهَرُ مَعَهُ حُكْمُ النُّصْرَةِ بِالْقَرَابَةِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَقُرْبِ السُّكْنَى، وَبَعْدَ الدِّيوَانِ النُّصْرَةُ بِالنَّسَبِ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الْمَعَاقِلِ.
مِنْهَا: أَخَوَانِ دِيوَانُ أَحَدِهِمَا بِالْبَصْرَةِ وَدِيوَانُ الْآخَرِ بِالْكُوفَةِ، لَا يَعْقِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا يَعْقِلُ عَنْهُ أهل دِيوَانُهُ، وَمَنْ جَنَى جِنَايَةً مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَلَيْسَ لَهُ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ عَطَاءٌ وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ أَقْرَبُ إلَيْهِ نَسَبًا وَمَسْكَنُهُ الْمِصْرُ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ الدِّيوَانِ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الدِّيوَانِ قَرَابَةٌ، لِأَنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ هُمْ الَّذِينَ يَذُبُّونَ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ وَيَقُومُونَ بِنُصْرَتِهِمْ.
وَقِيلَ: إذَا لَمْ يَكُونُوا قَرِيبًا لَهُ لَا يَعْقِلُونَهُ، وَإِنَّمَا يَعْقِلُونَهُ إذَا كَانُوا قَرِيبًا لَهُ وَلَهُ فِي الْبَادِيَةِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ نَسَبًا، لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِحُكْمِ
الْقَرَابَةِ، وَأَهْلُ الْمِصْرِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ مَكَانًا فَكَانَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى النُّصْرَةِ لَهُمْ، وَصَارَ نَظِيرَ مَسْأَلَةِ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ اه: أَيْ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ أَنْ يُزَوِّجَ إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ غَائِبًا.
عِنَايَةٌ.
وَذَكَرَ الْأَتْقَانِيُّ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ: يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً كَمَا فِي الْمُلْتَقى.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ السِّنِينَ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِالْفَاءِ عَقِبَ قَوْلِهِ: فَإِنْ خَرَجَتْ الْعَطَايَا الخ.
قَوْله: (فَإِن لم تسع الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ قَلَائِلَ فَتَصِيرُ الْحِصَّةُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ.
دُرٌّ مُنْتَقًى.
ثُمَّ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا تَتَّسِعُ بِتَاءَيْنِ فِي أَوَّلِهِ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِهِ أَوْ حَذْفُ اللَّامِ مِنْ قَوْلِهِ: لِذَلِكَ وَالْقَبِيلَةُ غَيْرُ قَيْدٍ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَعَلَى هَذَا حُكْمُ الرَّايَاتِ إذَا لَمْ تَتَّسِعْ لِذَلِكَ أَهْلُ رَايَةٍ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الرَّايَاتِ: يَعْنِي أَقْرَبَهُمْ نصْرَة إِذا حز بهم أَمْرٌ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَيُفَوَّضُ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَالِمُ بِهِ اه.
قَوْلُهُ: (عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ) فَيُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ.
مَثَلًا: إذَا كَانَ الْجَانِي مِنْ أَوْلَادِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ تسع حَيُّهُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِ قَبِيلَةُ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ بَنُوهُمْ، فَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ هَاتَانِ الْقَبِيلَتَانِ لَهُ ضُمَّ عَقِيلٌ ثُمَّ بَنُوهُمْ كَمَا فِي الْكرْمَانِي، وآباء الْقَاتِل وَأَبْنَاء لَا يَدْخُلُونَ فِي الْعَاقِلَةِ، وَقِيلَ: يَدْخُلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَاقِلًا لِلْآخَرِ.
وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَاتِلُ عِنْدَنَا كَأَحَدِهِمْ) يَعْنِي إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا شئ عَلَيْهِ من الدِّيَة عِنْدَنَا أَيْضًا.
ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لَا شئ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.
مِعْرَاجٌ.
قَوْلُهُ: (فَيُشَارِكُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ) تَقَدَّمَ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَشَى فِي الْهِدَايَة هُنَا عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ.
قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَهُوَ أَصْلُ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ اه.
لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ امْرَأَةٍ فَأَدْخَلَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مَعَ الْعَاقِلَةِ لِتَقْدِيرِهَا قَاتِلَةً بِسَبَبِ وُجُوبِ الْقَسَامَةِ، أَمَّا مَا هُنَا فَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ قَاتِلَةً حَقِيقَةً، الْفَرْقُ أَنَّ الْقَسَامَةَ تَسْتَلْزِم وجوب الدِّيَة على الْمقسم، إِمَّا بالاستقلال أَو بِالدُّخُولِ أَو الْعَاقِلَة عندنَا بالاستقراء، وَقد تحقق الْمَلْزُوم لتحَقّق اللَّازِم، بِخِلَاف الْقَتْل مُبَاشَرَةً فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَسْتَلْزِمُ الدِّيَةَ اه مُلَخَّصًا.
وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ تَصْحِيحٌ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ.
فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (قَبِيلَةُ سَيِّدِهِ) أَيْ مَعَ سَيّده كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الْبُرْهَانِ.
وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَى: