كتاب المعاقل

كَذَا تَرْجَمَ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ، وَفِيهِ أَنَّهُ إِذا كَانَت جمع معلقَة وَهِيَ الدِّيَةُ لَزِمَ التَّكْرَارُ، لِأَنَّ أَقْسَامَ الدِّيَاتِ مَرَّ مُسْتَوْفًى، وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ بِأَنْوَاعِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ وَهُمْ الْعَاقِلَةُ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُتَرْجِمَ بِالْعَوَاقِلِ لِأَنَّهُ جَمْعُ عَاقِلَةٍ.

طُورِيٌّ وشُرُنْبُلالِيَّة.

قَوْلُهُ: (جَمْعُ مَعْقُلَةٍ) كَمَكَارِمٍ جَمْعُ مَكْرُمَةٍ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَعْقِلُ الدِّمَاءَ مِنْ أَنْ تُسْفَكَ) أَوْ لِأَنَّ الْإِبِلَ كَانَتْ تُعْقَلُ بِفِنَاءِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، ثُمَّ عَمَّ هَذَا الِاسْمُ فَسُمِّيَتْ الدِّيَةُ مَعْقُلَةً، وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ.

أَتْقَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَيْ تُمْسِكُهُ) الْأَوْلَى تُمْسِكُهَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِدُونِ ضَمِيرٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْعَاقِلَةُ أَهْلُ الدِّيوَانِ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الدِّيوَانُ: الْجَرِيدَةُ مِنْ دَوَّنَ الْكُتُبَ إذَا جَمَعَهَا، لِأَنَّهَا قِطَعٌ مِنْ الْقَرَاطِيسِ مَجْمُوعَةٌ.

وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ: أَيْ رَتَّبَ الْجَرَائِدَ لِلْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ، وَيُقَالُ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ: أَيْ مِمَّنْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الْجَرِيدَةِ اه.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ: بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ فَرَضَ الْمَعَاقِلَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ فَرَضَ الدِّيوَانَ وَجَعَلَ الْعَقْلَ فِيهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى عَشِيرَةِ الرَّجُلِ فِي أَمْوَالهم وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ تَغْيِيرًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ بَلْ تَقْرِيرًا لَهُ، لِأَنَّهُ عُرِفَ أَنَّ عَشِيرَتَهُ كَانُوا يَتَحَمَّلُونَ بِطَرِيقِ النُّصْرَةِ، فَلَمَّا كَانَ التَّنَاصُرُ بِالرَّايَاتِ جُعِلَ الْعَقْلُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِمْ التَّنَاصُرُ اه.

وَفِي الْمِعْرَاجِ طَعَنَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ وَقَالَ: لَا جِنَايَةَ مِنْ الْعَاقِلَةِ، فَتَكُونُ فِي مَال الْقَاتِل لقَوْله تَعَالَى: * (وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى) * (الاسراء: 15) قُلْنَا: إيجَابُهَا عَلَيْهِمْ مَشْهُورٌ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَيُزَادُ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ، عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ يَتَحَمَّلُونَ بِاعْتِبَارِ تَقْصِيرِهِمْ وَتَرْكِهِمْ حِفْظَهُ وَمُرَاقَبَتَهُ، وَخُصُّوا بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا قصر لقُوته بِأَنْصَارِهِ فَكَانُوا هُمْ الْمُقَصِّرِينَ، وَكَانُوا قِبَلَ الشَّرْعِ يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ تَكَرُّمًا وَاصْطِنَاعًا بِالْمَعْرُوفِ، فَالشَّرْعُ قَرَّرَ ذَلِكَ، وَتُوجَدُ هَذِهِ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ،

فَإِنَّ مَنْ لَحِقَهُ خُسْرَانٌ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ حَرْقٍ يَجْمَعُونَ لَهُ مَالًا لِهَذَا الْمَعْنَى اه مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (وَهُمْ الْعَسْكَرُ) أَيْ الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا الْعَسْكَرُ، قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: فَالنِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ مِمَّن لخ حَظّ فِي الدِّيوَان، كَذَا الْمَجْنُون لَا شئ عَلَيْهِمْ مِنْ الدِّيَةِ.

وَاخْتُلِفَ فِي دُخُولِهِمْ لَوْ بَاشَرُوا الْقَتْلَ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي الْغَرَامَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنهم يشاركون الْعَاقِلَة كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَن التَّبْيِين اهـ.

قَوْلُهُ: (لِمَنْ هُوَ مِنْهُمْ) أَيْ يَعْقِلُونَ لِقَاتِلٍ هُوَ مِنْهُمْ.

قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ: فَإِنْ كَانَ غَازِيًا فَعَاقِلَتُهُ مَنْ يُرْزَقُ مِنْ دِيوَانِ الْغُزَاةِ، وَإِنْ كَانَ كَاتِبًا فَعَاقِلَتُهُ مَنْ يُرْزَقُ مِنْ دِيوَانِ الْكُتَّابِ اه.

وَقَيَّدَهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى كالقهستاني بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرِهِمْ لَا مِنْ مِصْرٍ آخَرَ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا.

قُلْت: وَفِي الْهِدَايَةِ: وَلَا يَعْقِلُ أَهْلُ مِصْرٍ لِأَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ إذَا كَانَ لِأَهْلِ مِصْرٍ دِيوَانٌ عَلَى وحدة وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَهَذَا إذَا كَانَ دِيوَانُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمِصْرَيْنِ مُخْتَلِفًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ التناصر بَينهمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015