عِنْده فَالْقَوْل قَول الْمُودع إِذا لم يفعل الْمُودع مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ أَمِين عَنهُ الرَّدِّ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، بِخِلَافِ دَفْعِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ مُوجب للضَّمَان، شائحاني.

قَوْله: (لانه أَمِين) وَلم يُوجد مِنْهُ تعد يُوجب الضَّمَان.

قَوْله: (فكلاهما ضَامِن) أَي كل من الْقصار وقاطع الثَّوْب، وللمالك الْخِيَار فِي تضمين أَيهمَا شَاءَ، فَإِن ضمن الْقصار رَجَعَ بِمَا ضمنه على قَاطع الثَّوْب، وَإِن ضمن الْقَاطِع لَا رُجُوع لَهُ على الْقصار.

وَنَظِير هَذِه الْمَسْأَلَة ذكره مؤيد زَاده عَن جَامع الْفُصُولَيْنِ: لَو دفع الْقصار إِلَى الْمَالِك ثوب غَيره فَأَخذه على ظن أَنه لَهُ ضمن وَالْجهل فِيهِ لَيْسَ بِعُذْر.

طلب ثَوْبه من قصار فَقَالَ دفعت ثَوْبك إِلَى رجل ظَنَنْت أَنه ثَوْبه ضمن الْقصار كثيابي حمام سلم إِلَيْهِ رجل ثِيَابه ليحفظها فَقَالَ الثيابي خرج رجل وَلبس ثِيَابك فَظَنَنْت أَنَّهَا لَهُ اهـ.

قَوْله: (فلربها تضمين من شَاءَ) الْمُودع لتعديه لما لم يُؤمر بِهِ والمعالج لمباشرته سَبَب الْهَلَاك ط.

قَوْله: (رَجَعَ على الاول) فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ رامزا للذخيرة: مَرضت دَابَّة الْوَدِيعَةُ فَأَمَرَ الْمُودَعُ إنْسَانًا فَعَالَجَهَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ أَيهمَا شَاءَ، فَلَو ضَمَّنَ الْمُودَعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعَالِجِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمُعَالِجُ رَجَعَ عَلَى الْمُودَعِ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْغَيْرِ أَوْ لَا، إلَّا إنْ قَالَ الْمُودَعُ لَيست لي وَلم أومر بذلك فَحِينَئِذٍ لَا يرجع اهـ.

تَأمل.

وَمثله فِي نور الْعين رامزا للاستروشنية ومجموع النَّوَازِل.

لَكِن قَالَ فِي الْهِنْدِيَّة: فَإِن ضمن الْمُودع لَا يرجع على أحد، وَإِن ضمن المعالج: إِن علم أَنَّهَا لَيست لَهُ لَا يرجع عَلَيْهِ، وَإِن لم يعلم أَنَّهَا لغيره أَو ظَنّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ، وَمثله فِي الْقُهسْتَانِيّ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسب لما هُنَا.

وَأما مَا ذكره فِي الْفُصُولَيْنِ واستظهره صَاحب الدُّرَر من أَنه يرجع وَإِن علم أَن الْمُودع غَاصِب فِي معالجة الْوَدِيعَة بِلَا إِذن صَاحبهَا، وَمَا ذكره من قَوْله خلافًا لما نَقله الْقُهسْتَانِيّ الخ يُوَافق مَا ذكره الشَّارِح فِيمَا لَو عالج الْوَدِيعَة بِإِذن الْمُودع كَمَا نبه عَلَيْهِ، فَلْيتَأَمَّل.

اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يحمل قَوْله إِلَّا إِن علم: أَي بِإِخْبَار الْمُودع صَرَاحَة، بِأَن قَالَ للمعالج لَيست لي وَلم أومر بذلك.

وَأما إِذا لم يقل ذَلِك فَلَا يعد عَالما، وَبِه يحصل التَّوْفِيق بَين كَلَام الشَّارِح والهندية وَبَين الْجَامِع وَنور الْعين وَإِن لم أره مسطورا فِي كَلَامهم، وَالله تَعَالَى أعلم.

وَأَقُول: خُلَاصَة مَا ذَكرْنَاهُ أَن صاب الدَّابَّة إِذا ضمن من عالجها بِأَمْر الْمُودع فعطبت يرجع على

الْمُودع، إِلَّا إِذا قَالَ الْمُودع حِين دَفعهَا للمعالج لَيست لي وَلم أومر بذلك على مَا فِي الْفُصُولَيْنِ.

وَمثله فِي نور الْعين عَن الاستروشنية.

وَفِي الْهِنْدِيَّة عَن الْجَوْهَرَة وَالشَّارِح عَن الْمُجْتَبى أَن صَاحب الدَّابَّة إِذا ضمن من عالجها فعطبت يرجع على الْمُودع إِن لم يعلم: أَي المعالج أَنَّهَا لغير الْمُودع وَإِلَّا لم يرجع، وَهَذَا الَّذِي يعول عَلَيْهِ حَيْثُ صرح فِي صدر عِبَارَته بالرواية عَن الامام عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى فَلَا يعدل عَنهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مُودَعِ الْغَاصِبِ) قَالَ فِي الْبَحْر: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مُودَعَ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَبَقَاء، وَفِي الاول لَيْسَ بغاصب لانه لَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015