ذَلِك مَانع شَرْعِي يضمن، وَمَا ذكره الشَّيْخ صَالح ابْن المُصَنّف هُوَ قَوْله.

أَقُول: هُوَ لما مَاتَ مجهلا فقد ظلم وَقصر حَيْثُ لم يبين قبل مَوته فَكَانَ حابسا لَهَا ظلما فَيضمن سَوَاء طلب مِنْهُ أَو لَا، وَلَا دخل لكَونه مَحْمُودًا أَو غير مَحْمُود، وَلَو كَانَ مَحْمُودًا لبينها قبل مَوته فِي مَرضه وخلص نَفسه، فالحسن مَا عَلَيْهِ الْمَشَايِخ الاعلام، ثمَّ ذكر بَحثه السَّابِق.

قَالَ الْعَلامَة الرَّمْلِيّ: الْعَمَل بإطلاقهم مُتَعَيّن، وَلَا نظر لما قَالَه الطرسوسي، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال ذَلِك فِيمَا قَالَ ابْن المُصَنّف فِي زواهر.

اهـ.

ثمَّ إِن هَذَا من الْمُؤلف خلط مقَام بمقام فَإِنَّهُ لَا خلاف فِي عدم ضَمَانه بِمَوْتِهِ مجهلا غلات الْمَسْجِد، وَأما إِذا مَاتَ مجهلا اسْتِحْقَاق الْمُسْتَحقّين فَفِيهِ اخْتِلَاف الْمَشَايِخ، وَمَا عَلَيْهِ مَشَايِخ الْمَذْهَب أَنه يضمن مُطلقًا خلافًا لتفصيل الطرسوسي.

وَالْحَاصِل: أَن بحث الطرسوي وَصَاحب الزواهر فِي غلَّة الْمُسْتَحقّين، وَلَا تنس مَا قدمْنَاهُ قَرِيبا من حَاصِل الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَالسَّلَام.

قَوْله: (وَمِنْهَا قَاض مَاتَ مجهلا لاموال الْيَتَامَى) قَالَ المُصَنّف فِي شرح تحفة الاقران إِذا خلط الامين بعض أَمْوَال النَّاس بِبَعْض أَو الامانة بِمَالِه فَإِنَّهُ ضَامِن، إِلَّا فِي مسَائِل: لَا يضمن الامين بالخلط القَاضِي إِذا خلط مَاله بِمَال غَيره أَو مَال رجل آخر، وَالْمُتوَلِّيّ إِذا خلط مَال الْوَقْف بِمَال نَفسه وَقيل يضمن.

اهـ.

وَاعْلَم مَا ذكره المُصَنّف تبع فِيهِ الاشباه من أَن القَاضِي إِذا مَاتَ مجهلا أَمْوَال الْيَتَامَى لَا يضمن، لكنه مُخَالف لما فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ من السَّابِع وَالْعِشْرين: لَو وضع قَاض مَال الْيَتِيم فِي بَيْتِهِ وَمَاتَ مُجْهِلًا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُودَعٌ، وَلَو دَفعه القَاضِي إِلَى قوم ثِقَة وَلَا يدْرِي إِلَى من دفع لم يضمن إِذْ الْمُودع غَيره.

اهـ.

تَأمل.

وَفِيه أَيْضا: وَلَا يضمن الْوَصِيّ بِمَوْتِهِ مجهلا، وَلَو خلطاه بِمَالِه ضمن وَضمن الاب بِمَوْتِهِ مجهلا، وَلَو وضع القَاضِي مَال الْيَتِيم فِي بَيْتِهِ وَمَاتَ مُجْهِلًا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُودَعٌ الخ.

أَقُول: لَعَلَّ وَجْهَ الضَّمَانِ كَوْنُهَا لَا تَتَخَطَّى الْوَرَثَةَ فالغرم بالغنم، وَيظْهر من هَذَا الْوَصِيَّ إذَا وَضَعَ مَالِ الْيَتِيمِ فِي بَيْتِهِ وَمَاتَ مُجْهِلًا يَضْمَنُ، لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَدْ تَكُونُ مُسْتَمَدَّةً مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْأَبِ فَضَمَانُهُ بِالْأَوْلَى.

وَفِي الْخَيْرِيَّة: وَفِي الْوَصِيّ قَول بِالضَّمَانِ.

وَيَأْتِي تَمام الْكَلَام على ذَلِك قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وَأَقُول: وَكَذَا الْغَاصِب كَمَا ذكره الْكَمَال فِي فصل الشَّهَادَة على الارث، وَكَذَا الْمُسْتَأْجر كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة فِي مسَائِل موت أحد الْمُتَعَاقدين أَيْضا.

قَوْله: (ولابد مِنْهُ) وَيُؤَيِّدهُ قَول جَامع الْفُصُولَيْنِ: مَاتَ الْمُودع وَلَا تَدْرِي الْوَدِيعَة بِعَينهَا صَارَت دينا فِي مَاله، وَكَذَا كل شئ أَصله أَمَانه وتفصيل الاشباه وَعبارَة الظَّهِيرِيَّة والفصولين.

قَوْله: (لانه وَضعهَا فِي بَيته وَمَات مجهلا ضمن) وَقدمنَا وَجهه، وَكَذَا إِذا جن جنونا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، كَذَا فِي شرح البيري معزيا لخزانة الاكمل.

أَبُو السُّعُود.

لَكِن ذكر قاضيخان عَن إِبْرَاهِيم بن رستم: لَو مَاتَ القَاضِي وَلم يبين مَا عِنْده من مَال الْيَتِيم لَا يضمن.

شرنبلالية وَفِي الْبَزَّازِيَّة: إِذا قبض مَاله وَوَضعه فِي منزله وَلَا يدْرِي أَيْن وَضعه وَمَات يضمن إِلَّا إِذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015