وَعبارَة الاشباه: الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَالْأَبُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ، وَالْوَارِثُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَا أُودِعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ، وَإِذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ أَوْ لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَإِذَا مَاتَ الصَّبِي مجهلا لما أودع عِنْده مَحْجُورا.
اهـ مُلَخصا.
وَقدمنَا قَرِيبا ذكر الاب وَالْجد فَلَا تنسه، وَمن السَّبْعَة الْبَاقِيَة أحد الْمُتَفَاوضين، وَيَأْتِي للشَّارِح اعْتِمَاد الضَّمَان.
وَنَذْكُر تَمَامه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (نَاظر أودع غلات الْوَقْف) عبارَة الدُّرَر قبض وَهِي أولى.
تَأمل.
وَالَّذِي فِي الاشباه: النَّاظر إِذا مَاتَ مجهلا غلات الْوَقْف، ثمَّ كَلَام المُصَنّف عَام فِي غلات الْمَسْجِد وغلات الْمُسْتَحقّين.
أَقُول: هَكَذَا أطلقت الْمَسْأَلَة فِي كثير من الْكتب، وَوَقع فِيهَا كَلَام وَجْهَيْن: الاول: أَن قاضيخان قيد ذَلِك بِمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ من غير بَيَان، أما إِن كَانَتْ الْغَلَّةُ مُسْتَحَقَّةً لِقَوْمٍ بِالشَّرْطِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ اتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَقفا على أَخَوَيْنِ غَابَ أَحدهمَا وَقبض الْحَاضِر غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَالَبَ الْوَصِيَّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّةِ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إذَا كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمَ على هَذَا الْوَقْف كَانَ للْغَائِب أَن يرجع فِي تَرِكَة الْمَيِّت بِحِصَّتِهِ من الْغلَّة، وَإِن لم يكن هُوَ الْقَيِّمَ إلَّا أَنَّ الْأَخَوَيْنِ آجَرَا جَمِيعًا فَكَذَلِك، وَإِن أجرا لحاضر كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لَهُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يطيب لَهُ انْتهى كَلَامه.
وَهَذَا مُسْتَفَاد من قَوْلهم غلَّة الْوَقْف وَمَا قبض فِي يَد النَّاظر لَيْسَ غلَّة النَّاظر بَلْ هُوَ مَالُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالشَّرْطِ: قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ: وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يملكهَا الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَإِن لم يقبل انْتهى.
وَيَنْبَغِي أَن يلْحقهُ بغلة الْمَسْجِد مَا إِذا شَرط ترك شئ فِي يَد النَّاظر للعمارة، وَالله أعلم.
كَذَا حَرَّره شيخ مَشَايِخنَا منلا عَليّ رَحمَه الله تَعَالَى.
الثَّانِي: أَن الامام الطرسوسي فِي أَنْفَع الْوَسَائِل ذكر بحثا أَنه يضمن إِذا طَالبه الْمُسْتَحق وَلم يدْفع
لَهُ ثمَّ مَاتَ بِلَا بَيَان، أما إِذا لم يُطَالب: فَإِنْ مَحْمُودًا مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضمن، وَأقرهُ فِي الْبَحْر على تَقْيِيد ضَمَانه بِالطَّلَبِ: أَي فَلَا يضمن بِدُونِهِ.
أما بِهِ فَيضمن وَهُوَ ظَاهر.
وَبِه أفتى الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الحائك، لَكِن ذكر الشَّيْخ صَالح فِي زواهر الْجَوَاهِر أَنه يضمن وَإِن لم يُطَالِبهُ الْمُسْتَحق، لَان لما مَاتَ مجهلا فقد ظلم، وَقَيده بحثا بِمَا إِذا لم يمت فَجْأَة، أما إِذا مَاتَ على غَفلَة لَا يضمن لعدم تمكنه من الْبَيَان، بِخِلَاف مَا إِذا مَاتَ بِمَرَض وَنَحْوه وَأقرهُ الشَّارِح، وَعدم تمكنه من الْبَيَان لَو مَاتَ فَجْأَة إِنَّمَا يظْهر لَو مَاتَ عقب قَبضه الْغلَّة كَمَا يَأْتِي.
وَالْحَاصِل: أَن الْمُتَوَلِي إِذا قبض غلَّة الْوَقْف ثمَّ مَاتَ مجهلا بِأَن لم تُوجد فِي تركته وَلم يعلم مَا صنع بهَا لَا يضمنهَا فِي تركته مُطلقًا كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَاد من أغلب عباراتهم، وَلَا كَلَام فِي ضَمَانه بعد طلب الْمُسْتَحق وَلَا فِي عدم ضَمَانه لَو كَانَت الْغلَّة لمَسْجِد، وَإِنَّمَا الْكَلَام فِيمَا لَو كَانَت غلَّة وقف لَهَا مستحقون مالكون لَهَا هَل يضمنهَا مُطلقًا على مَا يفهم من تَقْيِيد قاضيخان، أَو إِذا كَانَ غير مَحْمُود وَلَا مَعْرُوف بالامانة كَمَا بَحثه الطرسوسي، أَو إِذا كَانَ مَوته بعد مرض لَا فَجْأَة كَمَا بَحثه فِي الزواهر؟ فَلْيتَأَمَّل، وَهَذَا كُله فِي غلَّة الْوَقْف.
أما لَو مَاتَ مجهلا لمَال الْبَدَل: أَي لثمن الارض المستبدلة أَو لعين