بِإِزَاءِ الِانْتِفَاع بالحمام، إِلَّا أَن يشْتَرط بِإِزَاءِ الِانْتِفَاع بِهِ الْحِفْظ فَحِينَئِذٍ على الْخلاف.
وَإِذا دفع إِلَى من يحفظ بِأَجْر كالثيابي فعلى الِاخْتِلَاف.
خُلَاصَة وَصدر الشَّرِيعَة.
قَوْله: (حفظهَا بِنَفسِهِ) قَالَ فِي الْمنح: وَذَلِكَ بالحرز وباليد.
أما الْحِرْز فداره ومنزله وحانوته سَوَاء كَانَ ملكا أَو إِجَارَة أَو عَارِية.
قَالَ الرَّمْلِيّ: أَقُول: لَا يخفى أَن لفظ الْحِرْز مشْعر بِاشْتِرَاط كَونه حصينا، حَتَّى لَو لم يكن كَذَلِك بِحَيْثُ يعد الْوَضع فِيهِ تضييعا يضمن ذَلِك كَالدَّارِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا حيطان وَلَا لبيوتها أَبْوَاب.
وَقد سُئِلت عَن خياطَة فِي دَار بِهَذِهِ الصّفة خرجت مِنْهَا هِيَ وَزوجهَا لَيْلًا لعرس جارتها فسرقت أَثوَاب النَّاس مِنْهَا فأفتيت بِالضَّمَانِ وَالْحَالة هَذِه، لَان مثل ذَلِك يعد تضييعا.
تَأمل اهـ.
وَفِي الانقروي من الْوَدِيعَة: سوقي قَامَ من حانوته إِلَى الصَّلَاة وَفِي حانوته ودائع فَضَاعَ شئ مِنْهَا لَا ضَمَان عَلَيْهِ، لانه غير مضيع لما فِي حانوته لَان جِيرَانه يَحْفَظُونَهُ، إِلَّا أَن يكون هَذَا إيداعا من الْجِيرَان فَيُقَال لَيْسَ للْمُودع أَن يودع، لَكِن هَذَا مُودع لم يضيع.
واقعات: فِي الْوَدِيعَة: قَوْله لَيْسَ للْمُودع أَن يودع إِلَخ ذكر الصَّدْر الشَّهِيد مَا يدل على الضَّمَان، فَتَأمل عِنْد الْفَتْوَى.
فصولين من الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّة: قَامَ من حانوته إِلَى الصَّلَاة وَفِيه ودائع النَّاس وضاعت لَا ضَمَان، وَإِن أَجْلِس على بَابه ابْنا لَهُ صَغِيرا فَضَاعَ: إِن كَانَ الصَّبِي يعقل الْحِفْظ لَا يضمن، وَإِلَّا يضمن اهـ.
وَقَالَ قبيله: وَالْحَاصِل أَن الْعبْرَة للْعُرْف، حَتَّى لَو ترك الْحَانُوت مَفْتُوحًا أَو علق الشبكة على بَابه ونام فَفِي النَّهَار لَيْسَ بتضييع، وَفِي اللَّيْل إِضَاعَة.
وَفِي خوارزم: لَا يعد إِضَاعَة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة.
أَقُول: الَّذِي يظْهر فِي مَسْأَلَة الحانوتي عدم الضَّمَان سَوَاء أَجْلِس صَبيا أَو لَا حَيْثُ جرى عرف أهل السُّوق لانه غير مُودع قصدا بل تَركهَا فِي حرزها مَعَ مَاله فقد حفظهَا بِمَا يحفظ بِهِ مَاله.
وَلِهَذَا نقل فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ بعد مَا تقدم رامزا إِلَى فَتَاوَى القَاضِي ظهير الدّين أَنه يبرأ على كل حَال لانه تَركهَا فِي الْحِرْز فَلم يضيع اهـ.
وَالْحَاصِل: أَنه يجب حرز كل شئ فِي حرز مثله، بِخِلَاف الْحِرْز فِي السّرقَة فَإِن كل مَا كَانَ حرز النَّوْع فَهُوَ حرز لسَائِر الانواع فَيقطع بِسَرِقَة لؤلؤة من اصطبل، أما هُنَا فَإِن حرز كل شئ بِحَسبِهِ.
فَفِي الْبَزَّازِيَّة: لَو قَالَ وَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيَّ وَقُمْتُ وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ وَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَار وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَنَّ مِمَّا لَا يُحْفَظُ فِي عَرصَة الدَّار كصرة النَّقْدَيْنِ ضمن، وَلَو كَانَت مِمَّا يعد عرصتها حصنا لَهُ لَا يضمن اهـ.
وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَعِيَاله) بِالْكَسْرِ جمع عيل بِفَتْح فتشديد وَهُوَ من يقوته، لَكِن المُرَاد هُنَا فِي تَفْسِير من فِي عِيَاله أَن يسكن مَعَه سَوَاء كَانَ فِي نَفَقَته أَو لم يكن، وَالْعبْرَة فِي هَذَا للمساكنة إِلَّا فِي حق الزَّوْجَة وَالْولد الصَّغِير وَالْعَبْد، لَكِن يشْتَرط فِي الْوَلَد الصَّغِير أَن يقدر على الْحِفْظ، فعلى هَذَا التَّفْسِير يَنْبَغِي أَن لَا يضمن بِالدفع إِلَى أَجْنَبِي يسكن مَعَه.
ذكره حفيد السعد فِي حَوَاشِي صدر الشَّرِيعَة.
وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي الْوَلوالجِيَّة: رجل أجر بَيْتا من دَاره إنْسَانا وَدفع الْوَدِيعَة إِلَى هَذَا الْمُسْتَأْجر: إِن كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا غلق على حِدة يضمن لانه لَيْسَ فِي عِيَاله وَلَا بِمَنْزِلَة من فِي عِيَاله، وَإِن لم يكن لكل