رَوَى سُحْنُونٌ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَكْرَهُ جِهَادَ الرُّومِ مَعَ هَؤُلاءِ الْوُلاةِ، فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ مَرْعَشٍ وَصَنَعَتِ الرُّومُ مَا صَنَعَتْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَقَالَ: لا بَأْسَ بِالْجِهَادِ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ الْجِهَادُ مَعَهُمْ لَكَانَ ضَرَرًا عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَتُهُمْ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لا بَأْسَ بِالْجِهَادِ مَعَ الْوُلاةِ وَإِنْ لَمْ يَضَعُوا الْخُمُسَ مَوْضِعَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوَفُّوا بِعَهْدٍ إِنْ عَاهَدُوا وَإِنْ عَمِلُوا مَا عَمِلُوا، وَلَوْ جَازَ لِلنَّاسِ تَرْكُ الْغَزْوِ مَعَهُمْ لِسُوءِ حَالِهِمْ لاسْتَذَلَّ الإِسْلامُ وَتَخَرَّمَتْ أَطْرَافُهُ، وَاسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ، وَلَعَلا الشِّرْكُ وَأَهْلُهُ.