وبعد أن قررت كل طائفة حدوث الأجسام على طريقتها توصلوا إلى إثبات حدوث العالم وقدم الخالق بأساليب مختلفة: -

إما بالقول بـ (أن ما لم يسبق المحدث محدّث فتكون الحوادث كلها لها أول لأن كلاً منها له أول وما ثبت لآحادها ثبت لمجموعها لأنها ليست سوى آحادها) (?) وهذا أصل نفيهم دوام الحوادث والتشبث بأن لها أولاً مع ما يستلزمه ذلك من لوازم باطلة أظهرها تعطيل الخالق عز وجل عن الفعل أزلاً بل وعن الكلام والإرادة وغيرها. وإما بالقول بـ (أن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث) فوجب عندهم تنزيه الله تعالى عن أن يقوم به ما جعلوه حوادث كالكلام والإرادة والغضب والرضا، وجعلوا ذلك هو حقيقة الوحيد، واتهموا من أثبت تلك الصفات إما بانه مشرك لأنه أثبت تعدد القدماء، أو مجسم مشبه لأنه أثبت لله ما هو من خصائص المحدثات (?) .

ولم توفق أية طائفة منهم إلى التفريق بين نوع الحوادث وآحادها وأن حكم المجموع قد يخالف حكم الواحد عقلاً وشرعاً وحساً، وإلى فهم ان نفي اتصاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015