إن أبواب الخير كثيرة ولاتنحصر فيما ذكرناه وعلى المسلم أن يسابق إليها، قال تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) {البقرة:148}
فالبدار البدار أخي الحبيب في استجابة نداء الله ,فإن أبواب الخير كثيرة متعددة, وذلك من لطف الله بنا ورحمته فكن حيثما تود أن يراك الله تعالى وأعمل لآخرتك فإن الآخرة هي دار البقاء.
إذا حلت العشر الأواخر من رمضان فقد قرب موعد رحيل هذا الشهر المبارك وقرب الوداع المر الذي لا بد منه
فعلينا أن نستدرك ما بقي منه , وتذكر أن السعادة الحقيقة في عبادة الله تعالى أما لذة الدنيا فإنها فانية فها نحن ودعنا رمضان الماضي وذهب ما كان فيه من تعب وفرح وحزن ولم يبقى معنى إلا ما قدمته أيدينا.
يا نفس فاز الصالحون بالتقى ... وأبصروا الحق وقلبي قد عمي
مضى الزمان في توان وهوى ... فاستدركي ما قد بقى واغتنمي
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) مسلم.
وعنها أيضا رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره) متفق عليه وقولها (شد مئزره) كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة عن المعتاد.
وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر والجماع يبطل الاعتكاف. ومن ذلك قول الشاعر
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار
وقولها (أحيا ليلها) أي: استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها , وهو محمول على أنه يقوم أغلب الليل لقول عائشة رضي الله عنها: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ، وَمَا صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إِلاَّ رَمَضَانَ. رواه مسلم