لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم. ولما كان هذا المقصود إنما يتمّ مع الصوم، شرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم، وهو العشر الأخير من رمضان) انتهى
يلزم أن تقام فيه الجماعة لأن الاعتكاف في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة يؤدي إلى تفويت الواجب من أجل مسنون. ولأن المسجد الذي لا تقام فيه جماعة لا يصدق عليه كلمة مسجد بالمعنى الصحيح.
وإن كان يتخلل مدة اعتكافه صلاة جمعة فالاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل وأحوط فمنهم من قال بلزوم الاعتكاف في الجامع إذا تخلل مدة الاعتكاف جمعة.
والصحيح هو القول الأول لعموم قوله تعالى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) {سورة البقرة: 187}
وخروجه إلى الجمعة ضرورة لا تبطل الاعتكاف.
ويصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة (المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى) على أكثر قول أهل العلم وذلك لعموم قوله تعالى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) {سورة البقرة: 187}.
وعن حذيفة أنه قال لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما: مررت على أناس عكوف بين دارك، ودار أبي موسى، (يعني في المسجد) وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام). فقال عبد الله بن مسعود: لعلك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا. رواه البيهقي وصححه الألباني. فأوهن ابن مسعود حديث (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) حكما ورواية
أما حكما ففي قوله (أصابوا فأخطأت) وأما رواية ففي قوله (وذكروا فنسيت) فالصحيح هو جواز الاعتكاف في كل مسجد تقام في الجماعة.