وقد كان للسلف رحمهم الله اجتهاد عجيب في قراءة القرآن في رمضان بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره.
كان الزهري إذا دخل رمضان يقول: إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام.
قال ابن الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم.
قال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
وقال سفيان: كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه. [لطائف المعارف]
ملاحظة مهمة: بعض الناس يقرأ القرآن لمجرد الختمة دون تدبر وخشوع متناسي قول الله تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَاب) {ص:29}.
فأعلم يا رعاك الله أن التدبر مطلوب بل هو الأساس.
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآن
* (عباد الله هذا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي بقيته للعابدين مستمتع، وهذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم ويسمع، وهو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدع، ومع هذا فلا قلب يخشع ولاعين تدمع ولا صيام يصان عن الحرام فينفع ولا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع). [لطائف المعارف]
لقد ذكرنا أن قراءة القرآن تجارة رابحة لن تبور , وكذلك فإن الإنفاق تجارة رابحة لن تبور، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) {فاطر: 29}
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال) مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه فأما الذي أقسم عليهن فإنه ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله بها عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر وأما الذي أحدثكم فاحفظوه " فقال: " إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية