أما أنه قد تحصل منه، "أسماء الله تعالى" في أربعمئة ورقة، ويحصل منه كتاب "النبي - صلى الله عليه وسلم - أسمائه ومعجزاته وجُمَلٍ من أخباره" في نحو من ألفي ورقة، وكتاب "المشكلين" من القرآن والحديث ألف ورقة وخمسمئة ورقة، رؤوس مسائله في كتاب "الأفعال" من "الأمد"، وتحصل منه "مختصر الأحكام" في ألف ورقة، فإذا وقفتم على هذه المجموعات، كنتم قد حصلتم كثيراً، وتوسلتم بها إلى باقيها، وقد كان يمكن ما ذكرت، ولكن وقفت عند مقام ترددت فيه، وهو أنه هل يصنف على السور؟ أو على الأبواب كما رتب الحديث على المسند؟ أو على التصنيف فيجعل من أسماء الصحابة مسنداً؟ أو على العبادات والبيوع والنكاح مُبوّباً؟ فإذا رتب تفسير القرآن على الأبواب كان للعلماء، وإذا رتب على السور كان لكافة الناس، لكنه يعرض فيه التكرار، ويعسر ضبطه على المؤلف، وفهمه على القارئ، فإن المعنى يكون في سورة كاملاً، ويكون في أخرى مفترقاً أجزاؤه على السور، فيفتقر إلى مزيد ضبط، ويتسع فيه الخرق، لأنك إذا شرحت في كل موضع وهو الحق، فإن الله لما كرَّرَهُ مطلقاً كررْهُ أيضاً أنت مطلقاً، وإذا كرَّره مقيداً، كرَّره أيضاً أنت مقيداً، يأتيك منه نشر يملأ الأفق، وإن اختصرت وأشرت، لم تبلغ رضا من سألك، ولا مهدت السبيل لمن سلك.
هذا من إكباب الخلق على الدنيا، وقصورهم عن التعليم، وكسلهم عن السعي في الترقِّي إلى درجات الكمال، واقتناعهم بما يتألف من دنياهم، ويستعجلون به منفعتهم، فالنقد القليل عندهم خير من الكالئ الكثير، مع ما يعانون من درك المراتب الدنيوية بمسألة تقيد، أو عقد يعقد، أو رواية يجتزأ بها لقصد الناس إليه فيها، وتصدّره بينهم لأجلها، وهذا كله نظر للدنيا، وإعراض عن الدار الأخرى.