قانون التاويل (صفحة 63)

قلت: ورغم هذا كله، فإن المغاربة أخذوا يتعلقون بالغزالي شيئاً فشيئاً، إلى أن أصبح إمامهم في التصوف بلا منازع، يسترشدون به في المهمات، ويستنيرون به في المشكلات، حتى قال قائلهم:

أبا حامد أنت المخصص بالمجد ... وأنت الذي علمتنا سنن الرشد

وضعت لنا الِإحياء يحيي قلوبنا ... وينقذنا من طاعة النازع المردي

وفيها ابتهاج للجوارح ظاهر ... ومنها صلاح للقلوب من البعد (?)

ولم يعدم الِإمام الغزالي أنصاراً يدافعون عنه، ويأنسون له، وينهجون سبيله. فقد وجد في الأندلس من الفقهاء من برّأ الغزالي مما رمي به، وفي هذا الموضوع يحدثنا قاضي الجماعة ابن حمدين بقوله: "إن بعض من كان ينتحل رسم الفقه، ثم تبرأ منه شغفاً بالشرعة الغزالية، والنحلة الصوفية، أنشأ كراسة تشتمل على معنى التعصب لكتاب أبي حامد إمام بدعتهم، فأين هو من شنع مناكيره، ومضاليل أساطيره المباينة للدِّين؟ وزعم أن هذا من علم المعاملة، المفضي إلى علم المكاشفة، الواقع بهم على سر الربوبية الذي لا يفسر عن قناعة، ولا يفوز بإطلاعه إلاَّ من تمطى إليه ثبج ضلالته التي رفع لهم أعلامها، وشرع أحكامها .. " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015