مثل قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ... إلى قوله ... كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17].
قال الإِمام الحافظ أبو بكر بن العربي رضي الله عنه:
ها هنا خمسة معان:
الأول: ضرب المثل بالماء كناية عن الوحي، وضرب المثل بالمعادن الجوهرية في حلية أو متاع كناية عن الحق.
الثاني: ضرب المثل بالزبد كناية عن الباطل.
الثالث: ذكر تقسيم الماء، وذكر تقسيم الجواهر.
الرابع: تخصيص الماء وحكمته.
الخامس: تخصيص النار وذكرها.
مقدمة:
لو ذكر الله {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ... إلى ... الْأَرْضِ} ولم يقل {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} لجَرى الكلام على ظاهره، ولم نتعرض لتأويله، ولا قَرَّرْنَاهُ دلالة على التوحيد؛ لأنه تنزيل لا يفتقر إلى تأويل، وإنما هو مجرد إنعام وخبر عن امتنان بما ذكر من تعديد النعم في الماء والمعادن، فلما قال تعالى: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ} علمنا أنه في مقتضاه ضرب مثل للحق والباطل، فَفَهِمْنَا مَا فَهَّمَنَا رَبُّنا.
وشيوخ الصوفية تسلك هذا في كل آية، فربما أوقعهم ذلك في غواية، لأنه تكلّف ليس له نهاية.