الأول: أنهم علموا علمهم ضرورة بما شاهدوا من الملكوت واطلعوا عليه من أمور الآخرة.
الثاني: توالي الأدلة عليهم باتصال المعارف وتتابع الطاعات، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا دخل بيته وعافس أهله:
"فَإِنهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأسْتَغْفِرُ الله" (?) فكان يعتقد أن تلك الفترة لا يجبرها إلاَّ استغفاره، وهي عندنا نحن عبادة لما فيها لنا من العون على الطاعة، فإن الراحة بين العبادتين طاعة لنا لعجزنا عن الموالاة في الطاعة، وضعف أبداننا عن توالي العبادة، ولذلك نهانا النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: "إِنَّ هَذَا الدينَ مَتِينٌ فَأوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ" (?).
وقال: "إنَّ الله لَا يَمل حَتَّى تَمَلوا" (?).
فأما نحن فقد دعينا إلى النظر والاعتبار على مناهج مشروعة، ونحن مأمورون بها، فمن قصد لَقَمَهَا فهو واصل، ومن حاد عنها فهو ناصل.
وأما الأولياء فهم أمثالنا في المعرفة، ولكنهم قوم واصلوا الطاعة فوصلوا، وقد بينا أن مواصلة الطاعة سبب لكل فضيلة.