قانون التاويل (صفحة 54)

الغزالي وإحراق كتابه "إحياء علوم الدين" بالأندلس (?)

إنها لمقارنة عجيبة تبدو للناظرين في العهدين: العهد الِإسلامي بالأندلس (القرن الخامس والسادس) وعهودنا المتأخرة، وذلك بملاحظة أن الفكر الِإسلامي بالأندلس كان سنياً نابياً عن البدعة وما يؤدي إليها، متمسكاً بالكتاب الكريم، معتصماً بالسنة النبوية الشريفة، وفي الوقت ذاته بملاحظة فكرنا الِإسلامي (أو المنسوب إلى الإِسلام بتعبير أدق) في العصور المتأخرة، وكيف قال صاحب الفكر الأول بوجوب إحراق كتاب "الِإحياء" للغزالي، وقال صاحب الفكر الثاني "بعْ اللحْيَة واشْتَرِ الِإحْيَا" (?). ولا نريد أن ندخل في شرح العوامل التي أدت بالفكر المغربي إلى الانحطاط والتدهور، فهذا أمر يطول شرحه، وإنما نقتصر على ذكر الحملة العنيفة التي شنها علماء الأندلس وفقهائها ضد كتاب "الإحياء"، مع بيان الدوافع الِإيمانية التي أثارتهم وألجأتهم للوقوف ضد تيار الكشف والِإشراق الذي قُدِّرَ له أن يكون هو الغالب والسائد في العصور المتأخرة، بعد أن ضعفت الهمم، وبعد الناس عن المصادر الأولى للدين الحنيف.

يعتبر قاضي الجماعة (?) محمد بن علي بن حمدين (ت: 508) (?) من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015