بعد ذلك في أنها عرض لوجود أو جوهر؟ فهذا موضع الِإشكال، ومحل الاجتهاد، وسبيل العذر في ذلك ممهد لمن اضطرب فيه قوله، واختلف عليه رأيه، والأقوى أنها عرض لا جوهر، وصفة غيرُ مَوْصُوف، فإن التحامل على الألفاظ في تأويلها وصرفها من الحقيقة إلى المجاز، أقرب في النظر من الاضطراب فيكم، الأدلة العقلية التي توجب أنها لا تقوم بنفسها حسب ما سطرناه في كتب "الأصول" من كلامنا ونقلناه منتحلاً عن علمائنا (?)، وهو قانون عظيم، فتمسكوا به في الأغراض العلمية، وصرّفوه في الِإبرام والانتقاض عند التصرف في وجوه التأويل.
فإن قيل فما عذر علمائكم في الِإفراط بالتعلق بأدلة العقول دون الشرع المنقول في معرفة الرب، واستوغلوا في ذلك (?)؟.
قلنا: لم يكن هذا لأنه خفي عليهم، إن كتاب الله مفتاح المعارف، ومعدن الأدلة، لقد علموا أنه ليس إلى غيره سبيل، ولا بعده دليل، ولا وراءه للمعرفة معرس ولا مقيل، وإنما أرادوا وجهين: