قانون التاويل (صفحة 46)

فنحن نرى الشعب يتجه بكثير من الإِجلال والتعظيم لهؤلاء الصالحين، فتتردد عنهم أخبار تؤكد أنهم كانوا مستجابي الدعوة، وتطور الأمر حتى بدأت نسبة الكرامات إليهم (?)، وبدأت تسميتهم بالأبدال (?).

ولعل لفظ "الأبدال" الذي نرى شيوعه في هذه الفترة هو أول مظهر لدخول الاصطلاحات الصوفية المشرقية إلى الأندلس، إلى جانب إقامة الأربطة التي يقيم فيها النساك والعباد أفراداً وجماعات للعبادة والتأمل وفي بعض الأحيان للجهاد والمرابطة.

على أنه كما بدأ التصوف في المشرق بتلك العبادات والرياضات الدينية، والميل إلى حياة الزهد والتبتل، ثم انتهى إلى أن أصبح تأملًا عقلياً وجدانياً خالصاً (?). فكذلك كان الأمر بالأندلس، فقد بدأ التصوف الفلسفي يغزو الأفراد والجماعات، وتجسمت ملامح هذا الاتجاه بشكل واضح في جماعة من المتفلسفة سنذكر في هذا المبحث أهم شخصياتهم التي احتفظت لنا كتب التراجم ببعض سيرهم وأخبارهم، وفي هذه الفترة التي بدأ فيها تمييز الصوفية عن الفقهاء (?) في الأندلس، وقع الصراع بين العلماء المحافظين على سلامة العقيدة في جوهرها ومظهرها وبين الغلاة من الصوفية المبتدعة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015