وحسبنا هذه الكتب والمصادر مثالاً، ويمكن للقارىء أن يقف على مواطن نقله عنها أو استفادته منها خلال قراءته الكتاب، وقد نبهنا على بعضها في الهوامش.
وتبقى أغلب أقسام الكتاب هي من بنات فكره وعصارة ذهنه وتأملاته، إلى جانب -كما سبق أن أوضحت- ما قرأه وصاغه في أسلوبه الخاص من آراء العلماء السابقين وابن العربي لا يأخذ آراء الأعلام من العلماء سهلةً موفورةَ الكرامة، بل يناقش قائلها مناقشة قوامها النصفة والعدل الذي لا يبالي على من وجبت عليه الحجة.
إن قيمة "قانون التأويل" متعددة الجوانب، فأولها أنه يكشف عن وجه جديد من شخصية ابن العربي الفقيه صاحب كتاب "الأحكام" فهو في القانون مربي متكلم نظار، صاحب آراء في التربية والسلوك والكلام.
وثاني تلك الجوانب، الجانب الأدبي من تعبير رفيع وأداء راق، فالكتاب يمتاز بأسلوب رصين مشرق، ولفظ جزل مختار، خال من روح التكلف الذي يجني أحياناً على الأسلوب والمعنى، كما يلاحظ أن له براعة خاصة في تخيّر الألفاظ وإبراز المعاني، لا يجاريه فيها كثير من كبار الكتّاب، كما له مقدرة فائقة على تخير أساليب المدح والذم، ومديحه غالباً من النوع الرفيع الذي لا يشوبه التنزل الوضيع (?)، بل تطبعه دائماً نزعة من الاعتزاز والكرامة، وهنا أود أن أشير إلى أمر طالما شعرت به وأنا أطالع كتب ابن العربي، وهو مبالغته -أحياناً- في الاعتزاز بكرامته وعلو منزلته، ويذهب في ذلك إلى حدود العجب والكبر، وهو لا يحجم أحياناً عن أن يذكرنا بأنه