وبعد هذه المقدمة الضرورية شرع ابن العربي في نقد مقالة الجويني فقرة فقرة فأورد قول الجويني: "والدليل على أنها منحصرة أنها لو كانت غير منحصرة، لتعلق العلم بها بآحاد لا تتناهى على التفصيل وذلك محال".
وعارضه بقوله: إن هذا الكلام محذوف لأن قوله: "لو كانت غير منحصرة" مقدمة واحدة لا تنتج شيئاً باتفاق العقلاء (?)، فلا يصح أن يرتب عليها قوله "لتعلق العلم منها بآحاد لا تتناهى على التفصيل" حتى يقول (أي يستنتج) هي منحصرة.
ويرى ابن العربي أنه لكي نثبت أنها منحصرة يجب أن نثبت قبل ذلك أنها معلومة؛ لأن الحكم على المجهول بحصره أو عدم حصره محال، وإذا قررنا أنها معلومة فمعنى ذلك أن العلم متعلق بها تفصيلًا، وليس معنى التفصيل إلاَّ الحصر، فآل نفي الحصر إلى إثباته، فبطل في نفسه وهذا هو برهان الخلف (?).
أما قول الجويني: "وإن قالوا: إن الباري عالم بما لا يتناهى على التفصيل سفهنا عقولهم" فهذا الكلام عند ابن العربي كلام متناقض غير معقول، وذلك لأن التفصيل عند الجويني يقتضي الحصر، وما لا يتناهى ينفيه. فتناقضت القضيتان، فالجمع بينهما سفه في العقل (?).
وكذلك قول الجويني: "إن ما يحيل دخول ما لا يتناهى في الوجود، يحيل وقوع تقديرات غير متناهية في العلم" كلام متناقض أيضاً، يفتقر إلى