قانون التاويل (صفحة 309)

الاستدلال والترقي أو غير ذلك فليس مراده هذا رب العالمين القديم الأزلي الواجب الوجود بنفسه؛ لأن قومه ما كانوا يعتقدون أن الكواكب هي رب العالمين، بل كانوا يتخذونها أرباباً يدعونها ويتقربون إليها بالبناء عليها والدعوة والسجود لها، وسيدنا إبراهيم استدل بمغيب هذه الكواكب على عدم صلاحيتها للعبادة، لأن الذي يستحق العبادة لا ينبغي أن يغيب عن عين عابده، وهذه الكواكب لا تملك نفسها أن تمنعها من الاحتجاب والمغيب عن أعين العابدين لها (?).

وبهذا يتبين لنا أن قصة الخليل عليه السلام إنما كانت لنفي ألوهية الكواكب وعبادتها من دون الله لا إثبات حدوث العالم كما ذهب إليه ابن العربي والأشاعرة بعامة.

ابن العريى وأقسام العلوم:

أورد ابن العربي تقسيماً للعلوم في أثناء كلامه عن علوم القرآن (?)، وجاء ذلك التقسيم ثنائياً تارة وثلاثياً تارة أخرى على حسب صفات العلم واختلاف متعلقاته وما يتصل أو يرتبط به.

فالمعلومات عند ابن العربي على قسمين: معدوم وموجود، لا ثالث لهما ولا واسطة بينهما. فالمعدوم هو المنتفي الذي ليس بشيء، قال تعالي: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 9] وقال تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1]. فأخبر تعالى أن المعدوم ليس بشيء، والموجود هو الشيء الكائن الثابت، والموجود هو مظهر الأحكام في الخارج (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015