قانون التاويل (صفحة 298)

ويروي ابن الجوزي بسنده عن محمد بن إبراهيم بن خالد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: كتب أبي إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان: لست بصاحب كلام ولا أرى الكلام في شيء من هذا إلاَّ ما كان في كتاب الله أو حديث عن رسول الله أو عن صاحب، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود (?).

ويعلم من مجموع الأقوال السابقة أن السلف رضي الله عنهم ذمّوا الجدل والكلام على الجملة وإن قصد به المتكلم نصر الكتاب والسنة، فالبدعة عندهم لا تقابل بالبدعة، وهنا تكمن الحكمة في عدم مجالسة أهل البدع والضلال، فإن مجالستهم ومناظرتهم ومخاطبتهم قد تورّث شبهاً يستعصي حلها، وعليه فإن اجتنابهم قد يكون أنفع للمسلمين من مخاطبتهم، فإن الحق إذا كان ظاهراً قد عرفه المسلمون، وأراد بعض المبتدعة أن يدعو إلى بدعته فإنه يجب منعه من ذلك، وينبغي أن يهجر ويعزر كما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصبيغ بن عسل التميمي (?)، وكما كان المسلمون يفعلونه، أو يقتل كما قتل المسلمون الجعد بن درهم (?) وغيلان الدمشقي (?)، فالمسلمون أقاموا الحجة على غيلان وغيره وناظروه وبينوا له الحق، فلما أبى قتل كفراً، والمصلحة في القتل أرجى، بخلاف ما لو ترك يدعو إلى بدعته وَهُوَ لَا يَقبل الحق، إما لهواه، وإما لفساد إدراكه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015