فهذا الحديث يدل على أنه لم يكن مع الله أرواح ولا نفوس قديمة يساوي وجودها وجوده تعالى، بل هو الأول وحده لا يشاركه غيره في أوليته بوجه (?).
الدليل الخامس: من المعلوم أن الروح توصف بالوفاة والقبض والإِمساك والِإرسال وهذا شأن المخلوق المحدث المربوب، قال تعالى:
{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر: 42]. والأنفس ها هنا هي إلأرواح قطعاً، جاء في الحديث الصحيح عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "سِرْنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليلة، فقال بعض القوم: لو عَرَّسْتَ (?) بنا يا رسول الله؟ قال: أخاف أن تناموا عن الصلاة، فقال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد طلع حاجب الشمس، فقال: يا بلال، أين ما قلت؟ قال: ما ألقيت عليّ نومة مثلها قط، قال: إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء. الحديث" (?).
فهذه الروح المقبوضة هي النفس التي يتوفاها الله حين موتها وفي منامها (?).