وقد اجتهد في نشر المذهب، وقرّبه إلى الناس تخريجاً واستدلالاً واستنباطاً.
وكأنَّي به قد وضع نصب عينيه جواب الِإمام أحمد رحمه الله حيث سئل يكفي الرجل مائة ألف حديث حتى يفتي؟ قال: لا. ولما قيل له خمسمائة ألف حديث؟ قال: أرجو.
أدرك ابن العربي في حياته المبكرة أن العلم أساس الدين، وأن الدين يؤسس علي العقيدة والفقه، وعاش لذلك يفتي، وينشر علمه بين الناس أربعين عاماً.
وقد دفعه إلى ذلك، ما يتميز به من ذكاء القلب، وصدق الرأي والتمكن من الجواب، والثقة بالنفس، وكثرة الفضل.
من بديع ما قال:
ما من رجل يطلب الحديث، إلا كان على وجهه نضرة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نَضَّرَ الله امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا" ودعاء الرسول مستجاب.
من مؤلفاته: "الإِنصاف في مسائل الخلاف" عشرون جزءاً، و"عارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي"، ومعنى العارضة: القدرة على الكلام، والأحوذي: الجاد في الأمور المنتصر، الذي لا يفوته مطلب، وهكذا كان ابن العربي، وله كتاب "العواصم من القواصم" الذي سد فراغاً كبيراً في المكتبة الِإسلامية، ومن أهم ما أنتج كتابه "أحكام القرآن"، والِإمام القرطبي نفسه مع إمامته يرجع إليه ويعتمد عليه، ولو لم يكن لابن العربي من جهد ومن ثمار إلاَّ تأليف كتاب تفسير القرآن الذي بلغ ثمانين مجلداً لكفاه فخراً، ولكن للأسف لم يُعْثَر له على أثر.
ومن أهم مؤلفاته "قانون التأويل" وهو يتناول القواعد المنهجية لطلاب العلوم الشرعية، وكان هذا الكتاب دفيناً في خزائن المخطوطات حتى قيض