الواثق هذه المقالة، وضرب عليها وحبس، جاء نفر إلى أبي عبد الله من فقهاء أهل بغداد: فيهم بكر بن عبد الله، وإبراهيم بن علي المطبخي، وفضل بن عاصم، وغيرهم فأتوا أبا عبد الله وسألوا أن يدخلوا عليه فاستأذنت لهم فدخلوا عليه، فقالوا له: يا أبا عبد الله: إن الأمر قد فشا وتفاقم، وهذا الرجل يفعل ويفعل، وقد أظهر ما أظهر، ونحن نخافه على أكثر من هذا، وذكروا له أن ابن أبي دؤاد مضى على أن يأمر المعلمين بتعليم الصبيان في الكتاب مع القرآن، القرآن كذا وكذا.
فقال لهم أبو عبد الله: وماذا تريدون؟
قالوا: أتيناك نشاورك فيما نريد.
قال: فما تريدون؟
قالوا: لا نرضى بإمرته ولا بسلطانه.
فناظرهم أبو عبد الله ساعة، حتى قال لهم- وأنا حاضرهم-: "أرأيتم إن لم يبق لكم هذا الأمر، أليس قد صرتم من ذلك إلى المكروه؟ عليكم بالنكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا