قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيمَانَ لَهُمْ} أَي: لَا وَفَاءَ لهمْ بَالأَيْمَانَ.
فَهَذَا أَمْرٌ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ لِلْعَهْدِ مُطْلَقًا، فَالمُعَاهَدُونَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى إِنْ أَسْلَمُوا فَهُمْ إِخْوَانٌ فِي الدِّينِ، وَإِنْ نَكَثُوا أَيمَانَهُمْ وَجَبَ قِتَالُهُمْ، وَإِنْ وَفَوا بِالعَهْدِ وُفِيَ لهمْ بِعَهْدِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ عُوهِدِوا بِلَا جِزْيَةٍ، فَكَذَلِكَ مَنْ عَاهَدَ بِالجِزْيَةِ.
وَالصَّحِيحُ أَنْ العَهْدَ المُطْلَقَ جَائِزٌ.
وَالعُهُودُ الَّتِي كَانَتْ بَينَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبَينَ المُشْرِكِين كَانَتْ مُطْلَقَةً، لَمْ تَكُنْ مُؤَقَّتَة، وَالقَرْآنُ قَدْ فَرَّقَ بَينَ المُؤَقَّتِ مِنْهَا وَالمُطْلَق، فَأَجَازَ نَبْذَ المُطْلَق، وَأَوجَبَ الوَفَاءَ بِالمؤقَّت، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى الأُصُولِ كَسَائِرِ