يَحْتاجُ إِلَى بَيانِ ذَلِكَ، ثُمَّ إِلَى بَيَانِ أَنَّ الأَمْرَ بِالقِتَالِ يُوجِبُ نَسْخهَا، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ، كَيفَ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ.
فَإِنَّ سُورَةَ البَقَرَةِ مَدَنِيَّةٌ كُلُّهَا، وَفِيهَا غَيرُ آيَةٍ تَأْمُرُ بِالجِهَاد، وَفِيهَا: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِتَالُ} فَكَيفَ يُقَالُ: إِنَّهَا قَبْل الأَمْرِ بِالقِتَالِ! ! .
ثُمَّ سَبَبُ نُزُولِ الآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ الأَمْرِ بِالجِهَادِ بِمُدَّةٍ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ، كُلّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَأَشْهَرُهَا:
مَا قَالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ وَغَيرُهُ، قَالُوا:
إِنَّ المَرْأَةَ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ تَكُونُ مِقْلَاةً - لا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ - فَتَحْلِفُ لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُهَوِّدَنَّهُ؛ لأَنَّ اليَهُودَ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ بِخَلافِ المُشْرِكِينَ، فَكَانُوا أَقْرَبَ إِلَى العِلْمِ والدِّينِ مِنْهُمْ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِير كَانَ فِيهِمْ أُنَاسٌ مِنَ أَبْنَاءِ الأَنْصَار، فَقَالَ: