...
ومما يبين ذلك أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت فقال: "أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده" , فأنكر عليه أن جعله ندا لله في هذه الكلمة التي جمع فيها بينه وبين الله في المشيئة إذ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله فلا يكون شريكه لما يعلم أن كون الشيء ندا لله قد يكون بدون أن يعبد العبادة التامة فإن ذلك الرجل ما كان يعبد رسول الله تلك العبادة
فصل
وبهذا يتبين أن محبة الله توجب المجاهدة في سبيله قطعا فإن من أحب الله وأحبه الله أحب ما يحبه الله وأبغض ما يبغضه الله ووالي من يواليه الله وعادي من يعاديه الله لا تكون محبة قط إلا وفيها ذلك بحسب قوتها وضعفها فإن المحبة توجب الدنو من المحبوب والبعد عن مكروهاته ومتى كان مع المحبة نبذ ما يبغضه المحبوب فإنها تكون تامة
وأما موادة عدوه فإنها تنافي المحبة قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ