...
وأما يوسف عليه السلام فإن الله ذكر أنه عصمه بإخلاصه الدين لله وقال تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء والفحشاء ومن السوء عشقها ومحبتها ومن الفحشاء الزنا وقد يزني بفرجه من لا يكون عاشقا وقد يعشق من لا يزني بفرجه والزنا بالفرج أعظم من الإلمام بصغيرة كنظرة وقبلة.
وأما الإصرار على العشق ولوازمه من النظر ونحوه فقد يكون أعظم من الزنا الواحد بشيء كثير والمخلصون يصرف الله عنهم السوء والفحشاء ويوسف عليه السلام كان من المخلصين حيث كان يعبد الله لا يشرك به شيئا وحيث توكل على الله واستعان به كما قال تعالى: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ. فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
وهذا تحقيق قوله تعالى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}
فأخبر سبحانه أن المتوكلين على الله ليس للشيطان عليهم سلطان وإنما سلطانه على المتولين له والمتولي من الولاية وأصله المحبة والموافقة كما أن العداوة أصلها البغض والمخالفة فالمتولون له هم الذين يحبونه ما يحبه الشيطان ويوافقه فهم مشركون به حيث أطاعوه وعبدوه بامتثال أمره كما قال تعالى: