فأخبر سبحانه أن الفرار من القتل أو الموت لا ينفع فلا فائدة فيه وأنه لو نفع لم ينفع إلا قليلا إذ لا بد من الموت
وأخبر أن العبد لا يعصمه من الله أحد إن أراد به سوءا أو أراد به رحمة وليس له من دون الله ولي ولا نصير فأين نفر من أمره وحكمه ولا ملجأ منه إلا إليه قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} وهذا أمر يعرفه الناس من أهل طاعة الله وأهل معصيته كما قال أبو حازم الحكيم لما يلقي الذي لا يتقي الله من معالجه الخلق أعظم مما يلقاه الذي يتقي الله من معالجة التقوى
والله تعالى قد جعل أكمل المؤمنين إيمانا أعظمهم بلاء كما قيل للنبي أي الناس أشد بلاء قال " الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلي الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة"
ومن هذا أن الله شرع من عذاب الكفار بعد نزول التوراة بأيدي المؤمنين في الجهاد ما لم يكن قبل ذلك حتى إنه قيل لم ينزل بعد التوراة عذاب عام من السماء للأمم كما قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا