وأكثر ما ينفق بين المسلمين ما فيه حق وباطل إذ الباطل المحض لا يبقى بينهم وذلك يتضمن التحالف على غير ما أمر الله به والتبديل لدين الله بما لبس من الحق بالباطل وهذه حال اليهود والنصارى وسائر أهل الضلال فإنهم عدلوا عما أمرهم الله باتباعه فلبسوه بباطل ابتدعوه بدلوا به دين الله وتحالفوا على ذلك الذى ابتدعوه
وأما المعاملات في الدنيا فالأصل فيها أنه لا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله فلا حرام إلا ما حرم الله ولا دين إلا ما شرعه وإذا لم يحرم إلا ما حرمه الله ورسوله فكأن ما كان بدله بدون التعاقد يجب بالتعاقد فإن العقد يوجب على كل واحد من المتعاوضين والمتشاركين ما أوجبه الآخر على نفسه له ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا".
وهذا الموضع كثر فيه غلط كثير من الفقهاء بتحريم عقود وشروط لم يحرمها الله كما كثر في الأول غلط كثير من العباد والعلماء بابتداع دين لم يشرعه الله وإيجابه بالتعاقد عليه حتى يوجبون طاعة شخص معين ميت أو حي من العلماء في كل شيء ويحرمون طاعة غيره في كل شيء نازعه فيه لمجرد عقد العامي الذي انتسب إلى هذا دون هذا
وكذلك في المشايخ حتى قد يأمرونه بمخالفه ما تبين له من الشريعة لأجل العقد الذي التزمه للمذهب والطريقة فيشترطون شروطا ليست في كتاب الله ويأمرون بطاعة المخلوق في معصية الخالق وأكثر ذلك يدخله نوع من الاجتهاد