إضلال الشياطين للمشركين

والنفس الإنسانية هي المؤثرة في خوارق الأنبياء، والسحرة، وغيرهم، وما يحصل بالدعاء، والشفاعة، هو عندهم من تأثير نفس الداعي المستشفع، لكن بتوجهها إلى ذلك حصل لها قوة، ثم قد يفيض عليها ما (?) يفيض، إما من نفس المستشفع به، وإما من غيره.

ولهذا يأمر مثل هؤلاء أن يجمع الإنسان همّته على أي شيء كان، ويقولون: لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به، وقد يأمرون بالعشق ليجتمع قلب العاشق على شيء، وإن كان ذلك المعشوق لا ينفع، ولا يضر، وكذلك يعبدون ما لا ينفع، ولا يضر، فمقصودهم جمع الهمّة على شيء، حتى تثبت النفس، ويزول تفرقها، وتشتتها، وهذا كما يرصد أصحاب البرابي (?) صورة من الصور مدة، وكذلك غيرهم من عبّاد الأصنام، فإذا اجتمعت الهمّة على ذلك الشيء، وتفرغ القلب لما يلقى فيه، تمكن منه الشيطان، فألقى في قلوبهم ما يلقيه، وتمثل لهم، وقضى بعض حوائجهم، والمتفلسفة الذين لا يعرفون الجنّ، يقولون: هذا كله من /59أ/ قوى النفس.

ولكن جمهور الناس الذين قد عرفوا حقيقة الأمر، يعرفون أن الشياطين تفعل من ذلك ما لا تفعل النفس، وهؤلاء قد يذكرون الله، ومقصودهم بذكرهم جمع قلوبهم، وتفريغها لما يرد عليها، فليس مقصودهم عبادته تبارك وتعالى.

وهذا موجود في كثير من أهل زماننا، كما كان بعض الناس يقول لمريديه: توجه إلى قلبك وقل: لا إله إلا الله، وليس المقصود الذكر، إنما المقصود أن يجتمع قلبك، فإذا اجتمع قلبه تنزلت عليه الشياطين، فيخيل إليه أنه صعد إلى السماء، وألوان أخر، ويقول أحدهم: حصل لك ما لم يحصل لموسى بن عمران، ولا لمحمد ليلة المعراج، وشخص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015