وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى» .

فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه إذا أتى لا يبدأ /53ب/ بالشفاعة؛ لقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] بل يبدأ بالسجود لربه، والحمد له، والثناء عليه، فإن الله يسمع لمن حمده، كما قال على لسان نبيه: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» .

والحمد أحق ما قال العبد، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا رفع رأسه من الركوع: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ، أي: تحميدك، والثناء عليك، وتمجيدك، أحق ما قال العبد.

وهو أول ما أنطق الله به آدم، وهو الذي أمرنا أن نفتتح به كل كلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» .

فلهذا ابتدأ بالسجود وما يفتحه الله عليه من محامده لربه، فإذا سجد وحمد قيل له: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تُشفع، وإذا شفع حدّ له حدًّا فيدخلهم الجنة، فالرب عزّ وجلّ يأذن فيمن شاء (?) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015