...
فصل [العبد وكل مخلوق غفير إلى الله]
إذا ظهر أن العبد وكل مخلوق فقير إلى الله محتاج إليه ليس فقيراً إلى سواه، فليس هو مستغنياً بنفسه ولا بغير ربه، فإن ذلك الغير فقير أيضاً محتاج إلى الله، ومن المأثور عن أبى يزيد رحمه الله أنه قال: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق. وعن الشيخ أبى عبد الله القرشى [هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم، الأندلسى الصوفى، أحد العارفين وصاحب الكرامات والأحوال، له كلمات وجمل فى آداب المعاملات وطرائق أهل الرياضات جمعها بعض تلاميذه فى كتاب الفصول أقام بمصر مدة، وسكن القدس وتوفى بها سنة 995هـ عن خمس وخمسين سنة] أنه قال: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون. وهذا تقريب وإلا فهو كاستغاثة العدم بالعدم؛ فإن المستغاث به إن لم يخلق الحق فيه قوة وحولا وإلا فليس له من نفسه شىء، قال سبحانه: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] ، وقال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] ، وقال تعالى: {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ} [البقرة: 102]