للمسافر قَصْرُ العدد، فجاء ذِكْرهُ لكونهم مسافرين إذ ذاك، ولا تَعَلُّقَ لهذا القيد بِقَصْر المُسَافر (?).

الفائدة السادسة: فيما اختاره البخاري من تلك الصفات: والظاهر أن البخاري اختار منها صِفَةَ الحنفية وكأَنَّ أقربَ الصفاتِ عنده بِنَظْم النص هي تلك. ولذا تلا الآية ثم ذَكر تلك الصفةَ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، وحديثُهُ أصحُّ ما في الباب. ثم إنه لم يخرِّج صفة الشافعية في هذا الباب، وأخرجها في المغازي، وهذا أوْضَحُ القرائن على أنه اختار صفةَ الحنفية إن شاء اللَّهُ تعالى.

الفائدة السابعة: في شَرْح حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه: فاعلم أنَّ حديثَ ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه يدلُّ على أن الطائفة الأُولى بعد الركعة انصرفت وِجَاهَ العَدُو. ثُمَّ جاءت الطائفةُ الثانيةُ ورَكعتْ مع الإِمام ركعةً ثم سَلَّم الإِمام.

وهذا القَدْر موافِقٌ لمذهب الإمام، ولا يتأتى الحديثُ على مذهب الشافعية أصلا. نعم فيه قوله: «فقام كلُّ واحدٍ منهم فَرَكعَ لِنَفْسِه»، ففيه إبهامٌ أنهما كيف أَتَمَّا الركعة الثانية؟ والظاهر منه صِفَةُ الشروح على ما مَرَّت.

2 - باب صَلاَةِ الْخَوْفِ رِجَالًا وَرُكْبَانًا

رَاجِلٌ: قَائِمٌ.

943 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ إِذَا اخْتَلَطُوا قِيَامًا. وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا وَرُكْبَانًا». أطرافه 942، 4132، 4133، 4535 - تحفة 8456

ولا صلاة عندنا ماشيًا ولا في حال المُسَايفة. والصلاةُ ماشيًا غيرُ المَشْي في الصلاة، فلا تَخْلِط بينهما. وكان الظاهرُ من قوله: «راجلا» أن تكون صلاةُ الخوفِ جائزةً ماشيًا، لكنه لما فَسَّرَهُ بالقائم دَلَّ أنه اختار مذهب الحنفية، ولم يجوِّز الصلاةَ ماشيًا. وكذا لا تجوزُ عندنا راكِبًا إذا كانت تسيرُ دابَّتُهُ، إلا إذا كان مطلوبًا.

943 - قوله: (عن ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه نحوًا مِنْ قولِ مجاهد) وفيه إشكالٌ شديدٌ وإيهام نضيد. أما أولا: فلأنه لم ينقل قول ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه ما هو. وأما ثانيًا: فلأنه عَكَس في العبارة، والظاهر «عن مجاهدَ نحوًا من قول ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه» فإنَّ مجاهدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015