فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما». والتفضِّي عن القول مُشْكِل فإِنه تشريع، أما الواقعة فيمكنُ حَمْلُها على الأعذار، فمنها ما عند النِّسائي في «كبراه»: أنَّ هذا الرجلَ دخَل بِهيئةٍ رَثَّةٍ ولم تكن عليه ثيابٌ، فأراد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يتصدَّقَ عليه الناسُ فَرَعَّبهم فيه، فَأَمَرَه بالصلاة ليرى الناسُ هيأَته البذة فتصدقوا عليه. هكذا في «المسند»، و «صحيح ابن حِبَّان»، والطحاوي. وبَوَّب عليه النسائيُّ بالحَثِّ على الصدقة، إشارة إلى ما هو الأَهم في قِصَّته.

فإِن قلت (?): لو كان كما قلتم لَمَا أمره بالركعتين في الجمعة الأخرى، وفي التي بعدَها أَيضًا، فهل كان يريد الإِراءة كلَّ مرة؟ وإِذن لا يكون المقصودُ إلا تَحْرِيضَه على تحية المسجد، والتصدُّق عليه يكون تَبَعًا. قلتُ: وفي الجمعة الثالثة تَرَدَّدَ الراوي. ولا بُعْد في الجُمُعتين أن يكون أَمْرُه لذلك، وعند ابن حِبَّان فيه زيادة وهي: «لا تَعُودن لِمِثْل هذا». اهـ. فحملوها على النَّهي عن تَرْك هاتين الركعتين. قلتُ: بل نَهْيُّ عن الإِبطاءِ عن الجمعة وحُضُوره في وقت الخطبة حنى لزِمه إمساكُها، فهو كقوله لأبي بَكْرة رضي الله عنه حين بادر إلى إِدْرَاك الرُّكوع: «زادك اللَّهُ حِرْصًا ولا تَعُد». وقد اختلفوا في شَرْحه أيضًا كما مرّ.

ثم عند مسلم - ص 287 - أَنه جاء ورسولُ الله صلى الله عليه وسلّم قاعِدٌ على المِنْبر، فدلَّ على أنه لم يكن دَخَل في الخُطبة بَعْدُ، بل كان يريدْ الخطبة سيما على مذهب الشافعية، فإِن القِيام من شرائط الخطبة عندهم. فلزِمهم أن يقولوا إِنَّه لم يكن دَخَل في الخطبة.

وتمسك الشيخ العيني رحمه الله تعالى برواية النسائي، وليس فيه ما رامه فلا يتم التقريب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015