فَقَارٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ كُلُّ فَقَارٍ. تحفة 11897 - 210/ 1
والمسألةُ رباعيةٌ: فعندنا: الافتراش فيها. وعند مالك رحمه الله تعالى: التَّوَرُّك فيها. وعند الشافعية: الافتراشُ في الأولى والتَّوَرُّك في الثانية، وفي الثنائية التَّوَرُّك فقط. وعند أحمد رحمه الله تعالى: كلُّ تشهُّدٍ بعده سلام، فقيه تَوَرُّك، وإلا فافتراش. والصواب ما ذكره ابن جرير في «اختلاف الفقهاء»: أن الصُّوَرَ كلَّها ثابتةٌ، فالترجيحُ في الاختيار. وراجع أدلتنا من الطَّحَاوِيِّ، و «الجوهر النقي». والمصنِّفُ رحمه الله تعالى ذَهَبَ مذهب الشافعية.
قوله: (جِلْسَة الرَّجُلِ) وعندنا فرقٌ بين جِلْسَة الرجل والمرأة، فإِنها تَتَوَرَّكُ لكونه أستر لها، ولنا في ذلك مرسلٌ في «مراسيل أبي داود». وممَّا يَدُلُّك على الفرق بين الهيئة في صلاتهما: ما قال أحمدُ رحمه الله تعالى: إنها لا تَرْفَعُ يديها عند الركوع والسجود، فليتنبَّه. ثم اعلم أن الافتراشَ والتَّوَرُّكَ في اللغة قريبٌ من السواء، فإن في التَّوَرُّك افتراشًا، وفي الافتراش جلوسًا على الوِرْك أيضًا، فلا فصلَ في هذين اللفظين، فإِنهما صالحان للنظرين، إِلا أن الراوي إذا قابل بينهما، دَلَّ على أنه قَصَدَ الفرق بينهما.
827 - قوله: (يَتَرَبَّعُ)، وكنا نَحْمِلُهُ على التَّربُّع المشهور، ثم عَلِمْنا من كُتُب غريب الحديث: أن التَّربُّعَ يُطْلَقُ على جلوس المتشِّهد أيضًا، كتورُّك الشافعية. ونقله الحافظ رحمه الله تعالى، وغرضُه منه أن يَجْعَلَ فِعْلَ ابن عمر رضي الله عنه مُؤيِّدًا لمذهبه.
قوله: (إنما سُنَّةُ الصلاة تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى)، وهذا صريحٌ في مذهب الحنفية رحمهم الله تعالى. وادَّعَى الحافظُ رحمه الله تعالى (?) أنه صادقٌ على مذهبه أيضًا، فإِن نَصْبَ اليُمْنَى يُسْتَحَبُّ في التورُّك عندهم أيضًا. وأقول: ويقضي العجب من الحافظ كيف حَمَلَهُ على مذهبه، مع التصريح عند النَّسائي بافتراش الرجل اليُسْرَى، والجلوس عليها، فكيف سَاغَ له حَمْلُهُ على مذهبه؟ بَقِيَ أن ما ذكره ابن عمر رحمه الله من سنة الافتراش، هل هي في قِعْدَة الأولى أو الثانية؟ فقال الحافظُ رحمه الله تعالى: إنها في الأولى.
قلتُ: بل هي في الأخيرة، لِمَا أخرجه مالك رحمه الله تعالى عن عبدِ الله بنِ دِينَار: «أنه