قوله: (وقال نافع ... ) إلخ. وهذا عامٌّ لخارج الصلاة وداخلها، وقد ثَبَتَ عندنا أنه كان يقول: آمين خارج الصلاة أيضًا. واعلم أن مذهب الإمام: إخفاء التأمين للإِمام والمأموم، وهو روايةٌ عن مالك رحمه الله تعالى، ومذهبه: إخفاؤه للمأموم، وتركه للإِمام رأسًا، وهو أيضًا روايةٌ عن إمامنا. وذهب الشافعيُّ رحمه الله تعالى في القديم: إلى الجهر لهما، وفي الجديد: إلى الجهر للإِمام دون القوم. وعن أحمد رحمه الله تعالى: الجهر بالتأمين. ولكن لا أعلم ماذا تفصيله عنده.
قلت: وما ظَهَرَ لي هو أنه ثَبَتَ الجهر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قطعًا، لكن لا على طريق السُّنية، بل للتعليم أحيانًا، أي لتعليم أنه ما يقرأ. نبَّه عليه الجُرُجَاني في «حاشية الكَشَّاف»، ومحمد البِرْكِلي في «تفسيره»، وهو من علماء الروم، متقدِّم عن ابن الهُمَام رحمه الله تعالى. وصرَّح في «البرهان» بجوازه، وهو الذي قال به صاحب «الهداية» في التسمية: إن الجهرَ بها كان تعليمًا، فلو أجاب بمثله في التأمين لاسترحنا.
وعندي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى نصًّا أنه يجوز الجهرُ به في قنوت النازلة، فسلَّمْتُ الجواز في الصلاة أيضًا. وأكثر السلف كانوا يُسرُّون به كما في «الجوهر النقي» (?) عن ابن جرير الطبري (?) فتحصَّل: إن الجهرَ جائزٌ، والإِسرارَ به سنةٌ، وهو المختارِ عندي. ومن قال بكراهة الجهر، فقد قَصَرَ. ثم ههنا ثلاثة أحاديث:
الأول: «إذا أَمَّنَ الإِمامُ، فأَمِّنُوا».
والثاني: «إذا قال الإِمامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلّينَ}، فقولوا: آمين».
والثالث: «إذا أمَّنَ القارىءُ، فأمِّنُوا».
وتمسَّك الشافعيةُ بالأول، فإِنه صريحٌ في جهر المأموم والإِمام، فإنه أَمَرَ المأمومَ أن يُؤَمِّنَ عند تأمين الإِمام، فأوجب أن يكونَ تأمينُ الإِمام جهرًا، ليتمكَّن المقتدي أن يُؤَمِّنَ على تأمين إمامه، وإذا كان تأمينه جهرًا لهذا الحديث، فعلى شاكلته تأمين المأموم. وأجابوا عن قوله: «إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ... » إلخ: أنه على حذف المعطوف، أي: فأَمَّنَ، وأُقِيمَ